عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، من أصحاب النبي
محمدصلی الله عليه وآله وسلم وأصحاب الإمام علي عليه السلام وأصحاب الإمام الحسن
عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام. وهو زوج زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين
عليه السلام. وهو أول مولود مسلم ولد في الحبشة، وقد دخل بيعة النبيصلی الله عليه
وآله وسلم في صغره، ثم شارك في حربي الجمل وصفين مع أمير المؤمنين عليه السلام.
ثم لازم الإمام الحسن عليه السلام حتى صلحه مع معاوية, ولم يشترك في حركة الإمام
الحسين عليه السلام ضد يزيد، ولكن له ولدان استشهدا مع الإمام الحسين عليه السلام
وهما عون ومحمد، وله أولاد آخرين استشهدوا في واقعة الحرة.
وقد بايع عبدالله بن الزبير بعد موت يزيد بن معاوية، ثم قدم بعد ذلك على عبد الملك
بن مروان، ولكنه لم يعطيه أهمية. وقد كان كريماً شديد الكرم حتى لُقّبَ بـ«بحر
الجود»، وهو من الهاشميين الأربعة الكرماء. وقد توفي في المدينة في العقد التاسع من
القرن الأول الهجري، ودفن في البقيع.
هويته الشخصية
عبدالله بن جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطلب الهاشمي القرشي، وكنيته أبو جعفر، من
أصحاب النبيصلی الله عليه وآله وسلم والإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسينعليهم
السلام. أما أبوه فهو جعفر أخو الإمام علي عليه السلام، وأمه أسماء بنت عميس.
الولادة والطفولة
في الهجرة الثانية إلى الحبشة اصطحب جعفر بن أبي طالب زوجته أسماء بنت عميس معه.
[١]وكانت أمه حاملاً به، ووضعته هناك فهو أول مولود مسلم يولد في أرض الحبشة.[٢]
وفي السنة السابعة للهجرة، أي بعد غزوة خيبر هاجر مع عائلته من الحبشة إلى المدينة
المنورة وبايع الرسول الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم.[٣]. وقيل إنه كان في سن
السابعة حين بايع النبيصلی الله عليه وآله وسلم وفي سن العاشرة حين رحل النبي صلی
الله عليه وآله وسلم عن الدنيا.[٤] وفي النتيجة فإن الروايات تدل على أنه ولد في
السنة الأولى من الهجرة.[٥] كما أنّ الروايات التي تتحدث عن شهادة جعفر والده الذي
استشهد في معركة مؤتة وأن النبي صلی الله عليه وآله وسلم قد حمل أولاد جعفر حين علم
بشهادته وهذا يدل على أن عبدالله كان طفلاً صغيراً.[٦] وبعد هذه الغزوة أصبح
عبدالله بن جعفر يسمى ابن ذي الجناحين وذلك لأن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم
قد أخبر أن لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة.[٧] وحين كبر عبدالله عمل بالتجارة،
واشترى أرضاً وعمرها.[٨]
الصفات الشخصية
لقد كان عبدالله طيب الخلق كريم النفس، عفيفاً كثير الجود، حتى لقب ببحر الجود.[٩]
كما إنه يذكر في الكرام من الهاشميين.[١٠]وقد ذكر اليعقوبي: إنه أعطى ملابسه إلى
أحد المستحقين. [١١]
شجرة أبي طالب
زوجاته وأولاده
تزوج عبدالله من ثلاثة نساء، هنّ: زينب الكبرى بنت أمير المؤمنيين عليه السلام.[١٢]وثمرة
هذا الزواج أربعة أولاد هم(علي،العباس، عون|، محمد) وبنت واحدة بإسم أم كلثوم.[١٣]
ثم تزوج من ليلى بنت مسعود في حياة زينبعليها السلام.[١٤] وبعد وفاة زينب عليها
السلام تزوج أختها أم كلثوم.[١٥]
الوفاة
اختلف في زمان ومكان وفاة عبدالله، وعلى أشهر الروايات فإنه قد توفي سنة 80 هـ،[١٦]
وعلى رواية أخرى سنة 82 هـ [١٧]أو 84 أو 85 أو 86 هـ ،وكان ذلك في المدينة المنورة.
وقد صلى عليه ودفنه أبان بن عثمان الوالي على المدينة في ذلك الحين.[١٨] وفي رواية
أخرى فإنه قد توفي في الأبواء-ما بين مكة والمدينة ودفن هناك، وصلى عليه الخليفة
الأموي سليمان بن عبد الملك.[١٩] ولكن الظاهر أن هذه الرواية خلطت بينه وبين
عبدالله آخر توفي سنة99 هـ.[٢٠]
إذن فهو حين مات كان عمره 90 أو 92 أو 80 سنة [٢١] وبقول ضعيف 70 سنة.[٢٢]
في عصر الخلفاء
إنّ أكثر المصادر لم تذكر مشاركته في الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام، ولكن صاحب
كتاب فتوح الشام ذكر أن عبدالله اشترك في فتح الشام في زمان خلافة عمر بن الخطاب،
وقد نصّبه أبوعبيدة قائداً على خمس مئة من الخيالة.[٢٣]وفي أيام عثمان خرج مع عمه
أمير المؤمنين علي عليه السلام لتوديع أبي ذر حين أبعده عثمان من المدينة إلى
الربذة.[٢٤]وذكر ابن أبي الحديد المعتزلي: إن عبدالله وبأمر من الإمام علي
عليه السلام أجرى الحد على الوليد بن عقبة حين عاقر الخمر وهو والي الكوفة من قبل
عثمان، وكان عبدالله من الذين أمرهم الإمام علي عليه السلام بحماية عثمان حين
حاصره الثوار سنة 35 هـ.[٢٥]
في عصر الإمام علي عليه السلام
بايع عبدالله الإمام علي عليه السلام وكان حاضراً في أغلب الحوادث.[٢٦] وقد
شارك إلى جانب الإمام علي عليه السلام في معركة الجمل.[٢٧]وبعد أن وضعت معركة
الجمل أوزارها بنصر أمير المؤمنين عليه السلام، أقام عبد الله مع الإمام
عليه السلام في الكوفة.[٢٨] وبقي إلى جانب الإمام علي في حرب صفين، وكان أميراً على
قبائل قريش و أسد وكنانة في هذه الحرب.[٢٩]وكان قائد الميمنة مع أمير المؤمنين
عليه السلام.[٣٠] وكان يرى إن قبول الإمام علي عليه السلام للتحكيم جاء
للحفاظ على حياته من المنادين بالتحكيم.[٣١]
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي: أراد الإمام علي عليه السلام أن يمنع عبدالله
من إسراف وتبذير أمواله، ولكنه شارك الزبير بتجارة فلم يحجر عليه الإمام عليه
السلام.[٣٢]
بعد شهادة الإمام علي عليه السلام
نقل ابن سعد والمسعودي: أنّ عبدالله هو الذي اقتص من ابن ملجم بعد شهادة الإمام علي
عليه السلام[٣٣][٣٤]، ولكن هذا خلاف المشهور كما إنّ المسعودي نفسه قد ذكر خلاف ذلك
إذ يقول: (وقتل الحسن عبد الرحمن بن ملجم على حسب ما ذكرنا)[٣٥] إذن فالمشهور أن
الحسن عليه السلام هو الذي أقام الحد على عبدالرحمن بن ملجم.[٣٦] وبقي
عبدالله مع الإمام الحسن عليه السلام الى أن تم الصلح بينه وبين معاوية.[٣٧]
في أيام حكم معاوية
بعد أن سيطر معاوية على الخلافة ذهب عبدالله إلى معاوية مع جماعة من قريش وعين له
معاوية مبلغاً من المال يُدفع له سنوياً.[٣٨] وضاعف له يزيد المبلغ بعد موت معاوية
، ولكنّ كرم عبدالله وبذله المستمر إذ كان ينفق كل ما يرد إليه من معاوية أو يزيد
قبل تمام العام، بل إنّه يستدين عليه.[٣٩] لقبه معاوية سيد بني هاشم ولكنّ عبدالله
كان يرى أن هذا اللقب مختص بالحسن والحسين عليه السلام. وكان غرض معاوية من هذا
التجليل والاحترام لعبدالله، ولغيره هو جلب كبار المسلمين إلى جانبه، أو إنه أراد
أن يغيظ أبناء علي عليه السلام.[٤٠]
وقد حدثت الكثير من المفاخرات بينه وبين عمرو بن العاص ويزيد في محضر معاوية.[٤١]
وفي إحدى المرات حدثت بينه وبين معاوية مشاجرة و بحضور الإمام الحسن والإمام الحسين
عليهما السلامحينها بيين عبدالله فضائل علي وأهل بيته عليه السلام.[٤٢]
مع أحداث ثورة الإمام الحسين عليه السلام
كان عبد الله بن جعفر من المعارضين لخروج الإمام الحسين عليه السلام إلى
الكوفة، وقد أرسل رسالة إلى الإمام عليه السلام بيد ولديه عون ومحمد،جاء فيها:
إنك علم الهداية، ورجاء المؤمنين. وحذره فيها من المسير نحو الكوفة. وبعد أن أرسل
هذه الرسالة إلى الإمام عليه السلام، أخذ من عامل الأمويين على مكة عمرو بن
سعيد ورقة أمان للإمام الحسين عليه السلام.[٤٣]
وإن لم يكن عبد الله مع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء إلا أن ولديه
عون ومحمد استشهدا مع الإمام الحسين عليه السلاموعلى قول ولده الثالث
عبيدالله كان معهم.[٤٤]
هناك خلاف حول سبب غياب عبد الله بن جعفر في واقعة الطف. رجبي دواني يؤنبه على
غيابه ويقول بأنه لا يستحق أن يكون زوجا للسيدة زينب.[٤٥] ولكن آخرون جاؤوا بأسباب
عدة لهذا الغياب فمنهم من قال بأنه كان كبيرا في السن، وآخرون قالوا بأنه كان
مكفوفا، وهناك رأي يقول بأن عبد الله كان مأمورا من قبل الإمام الحسين للقيام ببعض
الأعمال في المدينة.[٤٦]
وفي أحداث وقعة الحرة كان عبد الله يراسل يزيد وكان يطلب منه أن لايعامل أهل
المدينة بتعسف، وقد قبل يزيد منه هذا الطلب بشرط أن يكون أهل المدينة على الطاعة،
وقد كتب عبد الله ومجموعة من كبار أهل المدينة أن لايتعرضوا لجيش يزيد.[٤٧] وقد
استشهد ولداه الآخران وهما أبوبكر وعون الأصغر في وقعة الحرة.[٤٨]
البيعة لعبدالله بن الزبير
نقل البلاذري:أن عبدالله بن جعفر قد بايع عبدالله بن الزبير بعد موت يزيد بن معاوية.[٤٩]
ثم وفد عبد الله بن جعفر إلى عبدالملك في دمشق حين استتب له أمر الملك.[٥٠] ولكن
عبدالملك واجهه بجفاء، ولم يعطه حقه، وقد عاش آخر حياته قليل الحيلة، ضيق العيش.[٥١]
قضى عبد الله بن جعفر بعض سنوات عمره مابين البصرة والكوفة والشام، ولكن الأيام
الأخيرة من عمره قضاها في المدينة.[٥٢]
رواية الحديث
يعد عبد الله بن جعفر من رواة الحديث النبوي فقد روى عن النبيصلی الله عليه وآله
وسلم مباشرة وعن أمير المؤمنيين عليه السلاموعن أمه أسماء بنت عميس زوجة الإمام علي
عليه السلام.[٥٣]
الهوامش
1. الواقدي، المغازي، ج 2، ص 766-767.
2. ابن عبدالبر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص 880-881.
3. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 4، ص 11-24.
4. ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 27، ص 257-261.
5. ابن قتيبة، المعارف، ص 206.
6. الواقدي، المغازي، ج 2، ص 766-767.
7. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 6، ص 462-466.
8. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 6، ص 465-466.
9. ابن عبدالبر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص 881.
10. ابن عبدالبر الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص 881-882.
11. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 277.
12. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 6، ص 461.
13. ابن عساكر، أعلام النساء، ص 190.
14. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 465.
15. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 463.
16. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 277.
17. خليفة بن الخياط، الطبقات، ص 31.
18. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 3، ص 200.
19. ابن قتيبة، المعارف، ص 206.
20. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 342.
21. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 342.
22. ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 27، ص 296.
23. الواقدي، فتوح الشام، ج 1، ص 100-108.
24. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 172.
25. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 17، ص 232-234.
26. الشيخ المفيد، الجمل، ص 107.
27. المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 105.
28. خليفة بن الخياط، الطبقات، ص 213.
29. ابن عساكر, تاريخ دمشق، ج 27, ص 272.
30. ابن أعثم، الفتوح، ج 3، ص 24.
31. المنقري، وقعة صفين، ص 530.
32. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 53.
33. ابن سعد،الطبقات الكبرى، ج 3، ص 39-40.
34. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 414-416.
35. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 426.
36. المفيد، الإرشاد، ج 1، ص 22.
37. الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 165.
38. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 4، ص 101-320.
39. البلاذري،أنساب الأشراف، ج 2، ص 45.
40. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 6، ص 297.
41. ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 27، ص 265-266.
42. النعماني، الغيبة، ص 96-97.
43. الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 387-388.
44. أبوالفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 91-92.
45. رجبی دوانی، «چرا همسر حضرت زینب(س) ایشان را در کربلا همراهی نکرد؟»، وكالة
باشگاه خبرنگاران جوان للأنباء.
46. عرب أبو زید آبادی، «عبد الله بن جعفر و قيام كربلا»، 1388 ش.
47. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 7، ص 145.
48. التستري، قاموس الرجال، ج 6، ص 287.
49. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 4، ص 391.
50. ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 27، ص 248.
51. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 11، ص 255.
52. خليفة بن الخياط، الطبقات، ص 29-31.
53. ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 27، ص 248.