الإمام علي السجاد عليه السلام

الإمام علي السجاد عليه السلام

زيارته

هويته الشخصية

ألقابه

كُناه

ولادته ونشأته
مكان الولادة
استشهاده

تاريخ ومكان شهادته (ع)
عائلته

الأزواج والأولاد
صفاته

الخَلْقية

سيرته في بيته

سيرته في بره بمربيته

سيرته مع مماليكه
سيرته مع جيرانه

سيرته العبادية
إمامته

النص على إمامته
دلائل إمامته
عند الإمامية الإثنا عشرية
عند الزيدية
عند الاسماعيلية
علمه

تفسيره للقرآن الكريم
الآثار المنسوبة إليه
الصحيفة السجادية
رسالة الحقوق

كتاب علي بن الحسين ( عليه السلام)

ديوان منسوب للإمام السجاد ( عليه السلام)
مكانته عند المسلمين
أصحابه والرواة عنه
الإمام السجاد ورزايا كربلاء
حضوره في واقعة كربلاء
الإمام السجاد عليه السلام في الأسر
خطبته في الكوفة
حواره مع ابن زياد
حواره مع يزيد
خطبته في الشام
كلامه مع أهل المدينة
الاحتفاظ بتربة قبر الحسين
الثورات في عصر الإمام
واقعة الحرة
موقف الإمام منها
ثورة التوابين
موقف الإمام السجاد عليه السلام منها
ثورة المختار الثقفي
موقف الإمام السجاد منها
ثورة عبد الله بن الزبير
موقف الإمام السجاد منها
الدور الفكري للإمام السجاد
المناسبات المرتبطة

كتب حوله

الهوامش
 

الإمام علي السجاد عليه السلام

الإمام علي السجاد عليه السلام، (38-95 هـ)، هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم السلام، الشهير بالسجاد، وزين العابدين، هو رابع أئمة أهل البيت عليهم السلام، ولد في الخامس من شعبان سنة 38 هـ، واستمرت إمامته 35 عاماً. اتسمت الفترة التي عاشها الإمام زين العابدين بكثرة الأحداث التي وقعت في التاريخ الإسلامي، ومنها واقعة كربلاء، حيث كان حاضراً فيها، والتي استشهد خلالها الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته، ولكن بسبب مرضه لم يتمكن من المشاركة في القتال، وبعد أن سُبيت العيال على يد جيش عمر بن سعد، كان الإمام السجاد عليه السلام مع موكب السبايا، وبعد أن ألقى خطبة مؤثّرة في مجلس يزيد بن معاوية بيّن من خلالها سموّ مكانة أهل البيت وحقيقة أعدائهم، إضافة إلى شرح ما جرى من رزايا في كربلاء، رجع بالسبايا من الشام إلى المدينة.

للإمام علي بن الحسين عليه السلام ألقاب عدة، ومنها: زين العابدين، وسيد العابدين، وذو الثفنات، والسجاد، كما واتصف بمجموعة من الصفات والملكات التي نقلها المؤرخون، مما جعل إمامته محل قبول أغلب المسلمين من الشيعة، و أهل السنة، ومما امتاز به الإمام من سمات وأخلاق يمكن الإشارة إلى الحلم، والشجاعة، والصبر، وغيرها من الفضائل الأخلاقية، كما وكان يحنّ على العبيد، فلم يضرب عبداً أو أمة قط، بل كان يتملك العديد منهم ويعتقهم جميعاً في عيد الفطر، ويشتري مجموعة أخرى؛ ليعتقها هي الأخرى أيضا.

من الناحية السياسية في عصر الإمام السجاد عليه السلام يذكر التاريخ قيام ثورات عدة في العالم الإسلامي، منها: ثورة أهل المدينة الشهيرة بواقعة الحرة، وثورة التوابين، وثورة المختار الثقفي.

هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدين عليه السلام، وهي: الصحيفة السجادية، ورسالة الحقوق، والمناجيات الخمس عشرة، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد، ومصحف بخطه.

عاصر الإمام علي بن الحسين عليه السلام عدداً من حُكّام بني أمية، منهم: يزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، واستشهد  عليه السلام مسموماً بأمر من الوليد بن عبد الملك، في 25 من المحرم سنة 95 هـ، ودُفن بمقبرة البقيع في المدينة المنورة إلى جوار عمّه الإمام الحسن عليه السلام.

للإمام السجاد عدة أولاد من بنات وبنين، منهم الإمام محمد الباقر عليه السلام الذي تسلم الإمامة بعد استشهاد أبيه و زيد الذي استشهد بعد ما ثار ضد الحكم الأموي.

هويته الشخصية
شجرة الإمام السجاد (ع)

هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم السلام، وقد ورد في بعض الروايات أن الرسول الأعظمصلی الله عليه وآله وسلم قد سمّاه بـ"علي" ولقّبه بـ"زين العابدين"، وذلك قبل أن يولد بعشرات السنين،[١] ومن هذه الأخبار: روى جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنت جالساً عند رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم والحسين في حجره، وهو يداعبه، فقال: يا جابر يولد له مولود اسمه "علي" إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام.[٢]و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ‏ زَيْنُ‏ الْعَابِدِينَ‏ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَلَدِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَخْطُو بَيْنَ الصُّفُوفِ

أبوه: هو الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة، والإمام الثالث عند الشيعة.[٣]

أمه: فقد اختلف في اسم والدة الإمام السجاد، فقيل هي: سلامة.[٤] سلافة.[٥] غزالة.[٦] سلمة.[٧] سادرة.[٨] شهربانويه.[٩] ولكن عُرفت بشاه زنان، ومعناه في اللغة العربية ملكة النساء أو سيدة النساء، وقيل بأنه ليس اسمها بل لقبها.[١٠] والمشهور بين الأوساط المختلفة أنّها ابنة يزدجرد آخر ملوك إيران في العهد الساساني.[١١]

ذكرت المصادر الروائية أن والدة الإمام علي بن الحسين السجاد اتصفت بالعفة، والطهارة، والكمال، وسمو الأخلاق، وحدّة الذكاء؛ ولذلك بادر أمير المؤمنين عليه السلام إلى زواجها من ولده الإمام الحسين عليه السلام، كما عهد إليه بالإحسان إليها، والبر بها، قائلاً له: وأحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك.[١٢]

ألقابه
لقد لُقب الإمام علي بن الحسين عليه السلام بمجموعة من الألقاب، ومنها:

1- زين العابدين: لقبه النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم بهذا اللقب،[١٣] وإنما لُقب به لكثرة عبادته، وقد عُرف بهذا اللقب.[١٤]
وقالوا: إنَّ سبب تلقّبه بـ "زين العابدين" إنَّ الشيطان تمثّل بصورة أفعى، فلدغ إصبع رجله حين كان منشغلا بالصلاة، فلم يلتفت إليه، ولم يقطع صلاته. فسمع مناد ينادي: أنت زين العابدين حقا. [١٥]
2 - سيد العابدين: لُقب به لما ظهر منه من الانقياد والطاعة لله، فلم يُؤَثر عن أي أحد من العبادة مثل ما أثر منه عدا جده الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.[١٦]
3- ذو الثفنات: لُقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير؛[١٧] وذلك لكثرة سجوده، وعن محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: كان لأبي في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات؛ فسمي ذا الثفنات لذلك.[١٨]
4 - السجّاد: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام إن أبي علي بن الحسين ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.[١٩]
ونظم ابن حماد أبياتا يصف فيها كثرة سجود الإمام وعبادته، وهي:
[٢٠]
وراهب أهل البيت كان، ولم يزل يــلقب بالسجــاد حيــن تعبده
يقضي بطول الصوم طول نهاره منيـــباً، ويقــــضي ليله بتهجده
فأين به مــن علمه ووفائـه منيـــباً وأيـن به من نسكــــــه وتعبده؟

5 - الزكي: لُقب بالزكي؛ لأن الله زكاه وطهّره.[٢١]
6 - الأمين: ذُكر في التاريخ انه لُقب بـ "الأمين"،[٢٢] فقد روي عنه أنه قال عليه السلام: لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه.[٢٣]
كما واختلفت المصادر بين كونه علي الأصغر أو الأوسط أو الأكبر، فلُقب في بعض المصادر بعلي الأصغر[٢٤] وفي مصادر أخرى بعلي الأوسط[٢٥] وذكره المفيد عليا الأكبر[٢٦].
كُناه
كُني الإمام علي بن الحسين عليه السلام بأبي الحسين وأبي الحسن، وأبي محمد[٢٧] وأبي عبد الله[٢٨]

ولادته ونشأته
تاريخ الولادة

لقد تعددت الأقوال في تاريخ ولادة الإمام زين العابدين عليه السلام، وأشهرها عند الإمامية، والذي تُقام فيه المهرجانات العامة إحياء لذكرى ولادته، هو[٢٩] اليوم الخامس من شعبان سنة "38 هـ"[٣٠] وذلك في يوم الخميس.[٣١] وقيل بأنه ولد في يوم التاسع من شعبان،[٣٢] أو النصف من جمادى الأولى،[٣٣] أو 26 جمادى الآخرة.[٣٤].

مكان الولادة
هناك اختلاف في تحديد مكان ولادة الإمام علي بن الحسين عليه السلام فقد قال البعض بأنه ولد في الكوفة،[٣٥] واعتبر آخرون يثرب مكانا لولادته.[٣٦]

ونشأ الإمام زين العابدين في بيت النبوة والإمامة، فقد عاش في كنف جده أمير المؤمنين عليه السلام فترة قصيرة جدا وقد حددها المؤرخون بسنتين، وبعد شهادة أمير المؤمنين تولى تربية الإمام زين العابدين عمّه الإمام الحسن عليه السلام، وبعدها تولى تربية الإمام زين العابدين والده الإمام الحسين عليه السلام.[٣٧]

استشهاده
روي بأن الأمويين قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجاد عليه السلام، وكان أشدهم خوفا منه الوليد بن عبد الملك، فقد روى محمد بن مسلم الزهري أنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا".[٣٨]

وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على يثرب، وأمره أن يدسه للإمام،[٣٩] وهكذا استشهد الإمام مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب.[٤٠]

تاريخ ومكان شهادته (ع)
هناك آراء عند علماء الشيعة ومؤرخيهم في تاريخ شهادة الإمام زين العابدين عليه السلام. فنقل الشيخ الكليني: عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: قُبض علي بن الحسين وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين.[٤١] ووافقه الشيخ المفيد في ذلك وأضاف بأنه توفي بالمدينة.[٤٢] وقال الشيخ الكفعمي بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم.[٤٣]

وأما الشيخ الطوسي فذكر وفاته في اليوم الخامس والعشرين من المحرم في المدينة المنورة، ولكن اعتبره في سنة 94 للهجرة.[٤٤]

واختلف كل من ابن شهر آشوب والأربلي مع المفيد والطوسي والكليني، فرغم ذكرهم وفاته في المدينة ولكن حددوها بيوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم، أو لإثنتي عشرة ليلة، سنة أربع وتسعين أو خمس وتسعين من الهجرة.[٤٥]

ومن جهتهم فاختلف أهل السنة في وفاته أيضاً، فقال سبط ابن الجوزي: وفاته على أقوال: إنه توفي سنة أربع وتسعين، أو سنة اثنتين وتسعين، أو سنة خمس وتسعين، والأول أصح، لانها تسمى سنة الفقهاء، لكثرة من مات بها من العلماء، وكان سيد الفقهاء، مات في أولها، وتتابع الناس بعده.[٤٦] ووافق رأيه بشأن وفاته في سنة 94 كل من الخطيب التبريزي،[٤٧] ومجد الدين بن الأثير[٤٨] وابن الصبّان المصري[٤٩] ومحمد بن طلحة الشافعي، الذي أضاف للسنة، يوم الثامن عشر من المحرم[٥٠] والشبلنجي الذي اعتبره الثاني عشر من المحرم[٥١]

ولكن الكنجي الشافعي فقال بأنه  عليه السلام توفي بالمدينة سنة خمس وتسعين، وله يومئذ سبع وخمسون سنة.[٥٢]

عائلته
ذكرت المصادر التاريخية عدد من الزوجات للإمام السجاد إضافة لعدد من البنين والبنات:[٥٣]

الأزواج والأولاد
الزوجة نسبها أبناؤها

أم عبد الله بنت الإمام الحسن (ع) الإمام محمد الباقر (ع)، عبد الله الباهر
--- أم ولد الحسن و حسين الأكبر، عبيد الله (وقيل عبد الله الباهر)[٥٤]
(جيدا)[٥٥] أم ولد زيد و عمر
--- أم ولد حسين الأصغر، عبد الرحمن وسليمان
--- أم ولد علي وخديجة
--- أم ولد محمد الأصغر
إضافة للجدول أعلاه هناك مصادر ذكرت الشيبانية في عداد زوجاته وهناك زوجتين كانت إحداهما أم ولد لأخيه علي الأكبر والثانية أم ولد لعمه الإمام الحسن (ع)، كما وعدّ البعض في أولاده القاسم وأم الحسن، وأم البنين.[٥٦] ولقد صار أبناء الإمام السجاد عليه السلام بحكم تربيته لهم من رجال الفكر والعلم في الإسلام، فكان ولده الإمام محمد الباقر عليه السلام من أئمة المسلمين، ومن أكثرهم عطاءاً للعلم، أما ولده عبد الله الباهر فقد كان من علماء المسلمين في فضله، وقد روى عن أبيه علوماً شتى، وكتب الناس عنه ذلك،[٥٧] أما ولده زيد فقد كان له إلمام في علوم مختلفة كالفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام وهو الذي قام بثورة على الأمويين.[٥٨]

إخوته وأخواته: للإمام السجاد (ع) مجموعة من الأخوة والأخوات، وبحسب ما ذكره المفيد في الإرشاد هم خمسة أولاد: علي بن الحسين قُتل مع أبيه في الطف وأمه ليلى، جعفر بن الحسين، كانت وفاته في حياة الإمام الحسين (ع)، عبد الله بن الحسين، قتل مع أبيه صغيرا حيث جاءه سهم وذبحه، وأمه الرباب، سكينة بنت الحسين، وأمها الرباب أيضا، وفاطمة بنت الحسين وأمها أم إسحاق التيمية.[٥٩]

صفاته
اتصف الإمام علي بن الحسين عليه السلام بمجموعة صفات، وهي:

الخَلْقية
روى التاريخ أنه كان أسمرا، وقصيرا، ونحيفا،[٦٠] ورقيقا، وجميلا.[٦١]

ولقد وصف الفرزدق هيبة الإمام بقوله:
يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته فلا يُكلَّمُ إلا حين يبتســــــــــــــــــــــمُ

الحلم: توجد صورا كثيرة تدل على حلمه، ومنها: انه كانت له جارية تسكب على يديه الماء، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجّه، فبادرت الجارية قائلة: إنّ الله يقول:﴿والكاظمين الغيظ﴾ وأسرع الإمام قائلاً: «كظمت غيظي»، وطمعت الجارية في حلم الإمام ونبله، فراحت تطلب منه المزيد قائلة:﴿والعافين عن الناس﴾ فقال الإمام عليه السلام: «عفا الله عنك»، ثمّ قالت:﴿والله يحبّ المحسنين﴾[٦٢] فقال لها: «إذهبي فأنت حرّة».[٦٣]
الشجاعة: ذكر المجلسي انه لما اُدخل الإمام عليه السلام أسيراً على عبيد الله وقد جابهه بكلمات التشفي فأجابه الإمام بكلمات أمر ابن زياد على إثرها بقتله، فأجابه الإمام: أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.[٦٤]
التجرد عن الأنانية: روى الصدوق في عيون أخبار الرض عليه السلام: أن الإمام علي بن الحسين عليه السلام كان إذا أراد السفر سافر مع قوم لا يعرفونه ليقوم بنفسه برعايتهم وخدماتهم ولا يخدمه أحد منهم، وسافر مرة مع قوم لا يعرفونه، فنظر إليه رجل فعرفه فصاح بالقوم: ويلكم أتعرفون من هذا ؟ فقالوا: لا ندري، فقال: هذا علي بن الحسين، وأسرع القوم نحو الإمام، وجعلوا يقبّلون يديه ورجليه قائلين: "أتريد أن تصلينا نار جهنم؟ ما الذي حملك على هذا ؟.."، فقال: "كنت قد سافرت مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ما لا أستحق وإني أخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحب إلي.[٦٥]
الإحسان إلى الناس: أُثِرَ أنه كان عليه السلام يبادر لقضاء حوائج الناس خوفاً من أن يقوم بقضائها غيره فيحرم الثواب، وقد قال: إن عدوي يأتيني بحاجة فأبادر إلى قضائها خوفاً من أن يسبقني أحد إليها أو أن يستغني عنها فتفوتني فضيلتها.[٦٦]
السخاء: لقد نقلت التواريخ أخبار كثيرة من جوده وكرمه، ومنها: أنه كان يُطعم الناس إطعاما عاما في كل يوم في يثرب، وذلك في وقت الظهر في داره.[٦٧]
حنوه على الفقراء: روى العلامة المجلسي: ان الإمام السجاد عليه السلام كان يحمل إلى الفقراء الطعام والحطب على ظهره حتى يأتي بابا من أبوابهم فيناولهم إياه.[٦٨]
سيرته
نقلت كتب التاريخ نماذج من سيرته، ومنها:

سيرته في بيته
كان الإمام زين العابدين عليه السلام من أرحم الناس وأبرهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم، بل كان كأحدهم، ويُنقل عنه قوله: "لأن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي لحماً، وقد قرموا[٦٩] أحب إلي من أن أعتق نسمة".[٧٠] وكان يبكر في خروجه صبحاً لطلب الرزق لعياله، فقيل له: إلى أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي من طلب الحلال، فإنه من الله صدقة عليهم.[٧١]

قيل لعلي بن الحسين كيف أصبحت، يا ابن رسول الله قال:

أصبحت مطلوبا بثمان:

الله تعالى يطلبني بالفرائض، والنبيصلی الله عليه وآله وسلمبالسنة،

والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة،

والشيطان باتباعه، والحافظان بصدق العمل،

وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد،

فأنا بين هذه الخصال مطلوب.


سيرته في بره بمربيته
عهد الإمام الحسين عليه السلام بعد موت والدة الإمام زين العابدين عليه السلام - وهو لا يزال صغيرا - إلى سيدة من أمهات أولاده بالقيام بحضانة ولده زين العابدين ورضاعته ورعايته، وقد ذكر الرواة أنه أمتنع أن يؤاكلها فلامه الناس، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين: أنت أبر الناس، وأوصلهم رحماً فلماذا لا تؤاكل أمك؟ فأجابهم: أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليها فأكون قد عققتها.[٧٢]

سيرته مع مماليكه
كان  عليه السلام لا يستخدم خادما فوق حول، فإذا ملك عبدا في أي وقت من السنة كان يعتقه ليلة عيد الفطر، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل حتى لحق بالله تعالى، فيُذكر بأنه كان لا يضرب عبدا له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: أذنب فلان، وأذنبت فلانة يوم كذا وكذا، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: "ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا [...] فاعف واصفح يعف عنك المليك،" ثم يقبل عليهم فيقول: "اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي" فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز.[٧٣]

تنقل الروايات ان الإمام علي بن الحسين عليه السلام اهتم بطبقة العبيد، فقد كان يسعى لرفع منزلتهم فقد أعتق إحدى إمائه، وعقد عليها فعابه عبد الملك بن مروان على ذلك، وقال له: ما الذي دفعك لمثل هذا العمل؟ فأجابه الإمام السجاد عليه السلام محتجا بالآية الشريفة﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾[٧٤] وهو يشير بذلك إلى زواج النبيصلی الله عليه وآله وسلم من صفية وينبّه إلى مافعله النبي حيث عقد لإبنة عمته زينب على زيد بن حارثة الذي كان عبدا.

سيرته مع جيرانه
لقد روى الزهري انه كان من أبر الناس بجيرانه، فكان يرعاهم كما يرعى أهله، وكان يستقي لضعفاء جيرانه في غلس الليل.[٧٥]

سيرته العبادية
الإنابة لله تعالى: نقلت لنا الكثير من كتب الأدعية أدعية للإمام السجاد عليه السلام في الإنابة لله تعالى، ومنها دعاؤه عند اللجأ إلى الله تعالى، والذي جاء فيه: اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تَعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنَا فَبِعَدْلِكَ * فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ، وَلَا نَجَاةَ لِأَحَدٍ مِنَّا دُونَ عَفْوِكَ * يَا غَنِيَّ الْأَغْنِيَاءِ، هَا نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ، فَاجْبُرْ فَاقَتَنَا بِوُسْعِكَ.[٧٦]
وضوؤه: رووا عنه انه إذا أراد الوضوء اصفرّ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فأجابهم عن خوفه وخشيته من الله قائلا: أتدرون بين يدي من أقوم؟[٧٧]
صلاته: فيُذكر بأنه "كَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرَ وَ كَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أَبَدا"[٧٨]
صومه: سُئلت جارية له عن عبادته عليه السلام: فقالت: ما قدمت له طعاما في نهار قطّ، فقد كان يحث على الصوم، فقد قال: إنَّ الله تعالى وكَّلَ ملائكة بالصائمين.[٧٩]
زهده: سئل الزهري عن أزهد الناس، فقال: علي بن الحسين.[٨٠] وروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه رأى سائلا يبكي، فتأثر منه، وراح يقول: "لو أنَّ الدنيا كانت في كفِّ هذا، ثم سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها".[٨١]
حجّه: ذكر ابن عبد ربه: أنه حج خمسا وعشرين حجّة راجلا.[٨٢]
عن الإمام زين العابدين عليه السلام، أنه قال:

ألا إنّ أحبّكم إلى الله أحسنكم عملا وإنّ أعظمكم عند الله حظّا أعظمكم فيما عند اللّه رغبة، وإنّ أنجى الناس من عذاب الله أشدّهم لله خشية، وإنّ أقربكم من الله أوسعكم خلقا، وإنّ أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله، وإنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم.


إمامته
هناك نصوص ودلائل عدة في المصادر الروائية تثبت إمامة الإمام السجاد (ع) بعد أبيه الإمام الحسين (ع).

النص على إمامته
هناك أحاديث كثيرة تنص على إمامة الإمام علي بن الحسين عليه السلام، ومنها:

إنَّ الرسول الأعظمصلی الله عليه وآله وسلم عيّن أوصياءه وخلفاءه الإثني عشر من بعده، وصرّح بأسمائهم، ومنهم الإمام السجاد، وقد تظافرت النصوص بذلك.[٨٣]
نص أمير المؤمنين عليه السلام على إمامة الإمام زين العابدين فقد قال للإمام الحسين عليه السلام: إنك القائم بعد أخيك الحسن، وإن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم يأمرك أن تدفع المواريث من بعدك إلى ولدك زين العابدين فإنه الحجة من بعدك، ثم أخذ بيد زين العابدين وكان طفلاً وقال له: إن رسول الله يأمرك أن توصي بالإمامة من بعدك إلى ولدك محمد الباقر واقرأه من رسول الله ومني السلام.[٨٤]
نص الإمام الحسين عليه السلام على إمامة ولده زين العابدين، وعهد إليه بالإمامة من بعده، فقد روى الزهري قال: كنت عند الحسين بن علي إذ دخل علي بن الحسين الأًصغر - يعني زين العابدين - فدعاه الحسين وضمه إليه ضماً، وقبل ما بين عينيه، والتفت الزهري إلى الإمام الحسين فقال له: يا ابن رسول الله إن كان ما نعوذ بالله أن نراه فإلى من؟ فقال الحسين: علي ابني هذا هو الإمام أبو الأئمة.[٨٥]
دلائل إمامته
أحد أدلة إمامته هو ما رواه الشيخ الطوسي عن الإمام الباقر قال:َ لمّا توجه الْحُسَيْنُ عليه السلام إِلَى الْعِرَاقِ دَفَعَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّصلی الله عليه وآله وسلم الْوَصِيَّةَ وَالْكُتُبَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهَا: إِذَا أَتَاكَ‏ أَكْبَرُ وُلْدِي‏ فَادْفَعِي إِلَيْهِ مَا قَدْ دَفَعْتُ إِلَيْكِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أُمَّ سَلَمَةَ، فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَعْطَاهَا الْحُسَيْنُ.[٨٦]
والدليل الآخر هو إخبار الإمام زين العابدين عليه السلام عن كثير من الملاحم التي تحققت بعده، وكان منها:
إخباره بشهادة ولده زيد[٨٧]
إخباره عن حكومة عمر بن عبد العزيز[٨٨]
إخباره عن حكومة العباسيين[٨٩]
إخباره بمصير قتلة سيد الشهداء الحسين بن عليعليه السلام‏[٩٠]
إمامته عند الشيعة
لقد أجمعت الشيعة على إمامة الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام، إلا الفرقة الكيسانية التي ذهبت إلى إمامة محمد بن الحنفية.[٩١]

عند الإمامية الإثنا عشرية
قال الشيخ المفيد: واتفقت الإمامية على أن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم نص على علي بن الحسين، وان أباه وجده نصا عليه كما نص عليه الرسول، وانه كان بذلك إماما للمؤمنين.[٩٢]

عند الزيدية
قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ت 298 هـ" من أئمة الزيدية: إن الله أوصى بخلقه على لسان النبي إلى علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين، أولهم علي بن الحسين، وآخرهم المهدي، ثم الأئمة في ما بينهما. وذلك أن تثبيت الإمامة عند أهل الحق في هؤلاء الأئمة من الله عز وجل على لسان رسول الله (ص) [٩٣]

عند الاسماعيلية
تعتبر الاسماعيلية بأن الإمامة تثبت عن طريق النص، حيث كان النص الأول بناء على أمر أو وحي إلهي إلى الإمام علي (ع) ومنه إلى الحسن (ع) وثم الحسين (ع) وبعدهما الإمام زين العابدين (ع)، وصولا إلى الإمام الباقر (ع) والصادق (ع).[٩٤]

علمه
هناك روايات عديدة تدل على علمه بالقرآن الكريم وتفسيره وما يخص الفقه والكلام وسائر العلوم الإسلامية.

تفسيره للقرآن الكريم
ذكر العلماء والمفسرون إن الإمام زين العابدين عليه السلام كان من مفسري القرآن الكريم، وقد استشهدوا بالكثير من تفاسيره، وقالوا: انه كان صاحب مدرسة لتفسير القرآن، وقد أخذ عنه ابنه الشهيد زيد في تفسيره للقرآن، كما أخذ عنه ابنه الإمام الباقر (ع) عليه السلام في تفسيره الذي رواه عنه زياد بن المنذر زعيم الفرقة الجارودية.[٩٥]، ومما يُذكر بخصوص تفسيره يمكن الإشارة إلى:

تفسيره لقوله تعالى:﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا﴾[٩٦] فقد قال: بيّنه - أي القرآن - في تلاوته تبيينا، ولا تنثره نثر البقل، ولا تهذه هذي الشعر، قفوا عند عجائبه لتُحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.[٩٧]
تفسيره لقوله تعالى:﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾[٩٨] بقوله: السلم هو ولاية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.[٩٩]
الفقه
يقال أن الإمام زين العابدين عليه السلام كان يشبه جده الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في قدرته على الإحاطة بالمسائل الفقهية من جميع جوانبها والتفريع عليها، فقد كان الزهري و هو من فقهاء المدينة المشهورين يرجع إلى الإمام السجاد في ما يهمه من الأحكام الشرعية.[١٠٠] ومن الأمور الفقية التي تنسب للإمام السجاد هي:

الجمع بين صلاتي العشائين: روى الفضيل بن يسار فقال: كان علي بن الحسين عليه السلام يأمر الصبيان يُجمعون بين المغرب والعشاء الآخرة، ويقول: هو خير من أن يناموا عنها.[١٠١]
اعتبار النية في العبادات: روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام: لا عمل إلاّ بنية.[١٠٢]
بحوث كلامية
تطرق الإمام  عليه السلام لبعض البحوث الكلامية خلال دعائه وأقوله، فمثلا بشأن القضاء والقدر وعلاقتهما بالعمل روي عنه  عليه السلام: إِنَ‏ الْقَدَرَ وَالْعَمَلَ‏ بِمَنْزِلَةِ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، فَالرُّوحُ بِغَيْرِ جَسَدٍ لَا تُحَسُّ، وَالْجَسَدُ بِغَيْرِ رُوحٍ صُورَةٌ لَا حَرَاكَ بِهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَا قَوِيَا وَصَلُحَا كَذَلِكَ الْعَمَلُ وَالْقَدَرُ. فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْقَدَرُ وَاقِعاً عَلَى الْعَمَلِ لَمْ يُعْرَفِ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِ، وَكَان‏ الْقَدَرُ شَيْئاً لَا يُحَسُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْعَمَلُ بِمُوَافَقَةٍ مِنَ الْقَدَرِ لَمْ يَمْضِ، ولَمْ يَتِمَّ وَلَكِنَّهُمَا بِاجْتِمَاعِهِمَا قَوِيَا وَلِلَّهِ فِيهِ الْعَوْنُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ‏.[١٠٣]

وعنه  عليه السلام، بشأن استحالة وصف الله تعالى بالمحدودية: إِنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ بِمَحْدُودِيَّةٍ عَظُمَ رَبُّنَا عَنِ‏ الصِّفَةِ، فَكَيْفَ يُوصَفُ بِمَحْدُودِيَّةٍ مَنْ لَا يُحَدُّ وَلا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ.[١٠٤]

وروى الشيخ المفيد عنه  عليه السلام بشأن عقيدة التشبيه والتجسيم: إِلَهِي بَدَتْ قُدْرَتُكَ، وَلَمْ تَبْدُ هَيْئَةٌ فَجَهَلُوكَ وَقَدَّرُوكَ بِالتَّقْدِيرِ عَلَى غَيْرِ مَا بِهِ أَنْتَ‏ شَبَّهُوكَ، وَأَنَا بَرِي‏ءٌ يَا إِلَهِي مِنَ الَّذِينَ بِالتَّشْبِيهِ‏ طَلَبُوكَ‏ لَيْسَ كَمِثْلِكَ‏ شَيْ‏ءٌ إِلَهِي، وَلَمْ يُدْرِكُوكَ وَظَاهِرُ مَا بِهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ دَلِيلُهُمُ عَلَيْكَ لَوْ عَرَفُوكَ، وَفِي خَلْقِكَ يَا إِلَهِي مَنْدُوحَةٌ أَنْ يُنَاوِلُوكَ‏، بَلْ سَوَّوْكَ بِخَلْقِكَ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعْرِفُوكَ، وَاتَّخَذُوا بَعْضَ آيَاتِكَ رَبّاً فَبِذَلِكَ وَصَفُوكَ فَتَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَمَّا بِهِ الْمُشَبِّهُونَ نَعَتُوكَ‏.[١٠٥]

الآثار المنسوبة إليه
لقد ذكر أصحاب الحديث والرواة مجموعة من الآثار التي وصلت إلينا ونسبوها للإمام علي بن الحسين عليه السلام وهي:

الصحيفة السجادية

تعتبر الصحيفة السجاديّة من أهم الآثار التي انطوت على الحقائق والمعارف الإسلامية بعد القرآن الكريم ونهج البلاغة، وقد أشار أغا بزرك الطهراني إلى مجموعة من الأسماء و النعوت التي وصفت بها الصحيفة السجادية، منها: «أخت القرآن»، و«إنجيل أهل البيت»، و«زبور آل محمد» و«الصحيفة الكاملة».[١٠٦]

ونُقل عن ابن الجوزي قوله: «إن لعلي بن الحسين زين العابدين حق التعليم على المسلمين في الإملاء والإنشاء وكيفية التكلم والخطاب وطلب الحاجة من الباري تعالى؛ فلولاه لم يكن ليعرف المسلمون آداب التحدث وطلب الحوائج من الله تعالى؛ إن هذا الإمام علّم البشر كيف يستغفرون الله وكيف يستسقون ويطلبون الغيث منه تعالى وكيف يستعيذون به عند الخوف من الأعداء لدفع شرورهم.[١٠٧]


ولقد اهتم علماء الشيعة بدراسة الصحيفة السجادية، وأخذوا يبحثون في مضامينها، وجاوزت رواية الصحيفة حد التواتر.[١٠٨] وقد ترجمت الصحيفة السجادية إلى كثير من اللغات في العالم، منها الفارسية والإنجليزية والإسبانية، والتركية، والفرنسية، والروسية.[١٠٩]
رسالة الحقوق
كتاب شرح رسالة الحقوق
روى رسالة الحقوق عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام ثابت بن أبي صفية المعروف بأبي حمزة الثمالي، ورواها المحدث الصدوق، ومحمد بن يعقوب الكليني، والحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني في "تحف العقول".[١١٠]

ولقد ذكر الإمام عليه السلام مجموعة من الحقوق في رسالة الحقوق بلغ عددها "54" موضحا كل واحد من تلك الحقوق توضيحا تاما، وذلك ضمن سبع مجاميع، هي:

حق الله
حق النفس والجوارح
حق الافعال العبادية
حق الحاكم الشرعي
حقوق الأهل والأقارب
حقوق بعض الاصناف والطبقات الاجتماعية
حق المال
المناجيات الخمس عشرة


لقد شاعت نسبة هذه المناجيات للإمام زين العابدين عليه السلام وقد دوّنها العلامة المجلسي في بحار الأنوار، وعدّها العلماء الذين ألّفوا في ملحقات الصحيفة السجادية من بنودها، كما ذكرها الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان.

تُرجمت المناجيات الخمس عشرة إلى بعض اللغات ومنها اللغة الفارسية، وقد خُطت بخطوط أثرية مذهّبة ومزخرفة، تعدّ من ذخائر الخط العربي وقد حفلت بها خزائن المخطوطات في مكتبات العالم الإسلامي، وتوجد منها نسخة أثرية بخط رائع في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تسلسل "2098". [١١١]

كتاب علي بن الحسين ( عليه السلام)
من الآثار التي ذكرت للإمام علي بن الحسين عليه السلام كتاب سُمي بـ"كتاب علي بن الحسين" وقد فُقد هذا الكتاب، وقد عُثر على قطعة يسيرة منه نقلها عنه الإمام الباقر عليه السلام حيث يذكر  عليه السلام قبل نقله للحديث جملة: "وجدنا في كتاب علي بن الحسين"[١١٢]

ديوان منسوب للإمام السجاد ( عليه السلام)
نُسب للإمام زين العابدين عليه السلام ديوان من الشعر حافل بالنصائح والمواعظ، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بخطّ السيد أحمد بن الحسين الجزائري، وقد استنسخها على نسخة بخط السيد محمد بن السيد عبد الله الشوشتري (ت 1283 هـ). وهناك ظن بأن ما نُسب للإمام هو من مضامين كلامه، ونظم معانيه، واتّباع منهجه، ودليل سيرته واقتداء بهداه.[١١٣]

كما وشكك البعض في نسبة الديوان للإمام وذلك لركّة بعض ألفاظه، رغم كون الصحيفة السجادية من مناجم البلاغة في الإسلام، مضافا إلى عدم النص عليه في المصادر القديمة.[١١٤]


قرآن بخط اليد، منسوب إلى الإمام السجاد في متحف العتبة الرضوية
مصحف بخط الإمام السجاد ( عليه السلام)
ذُكِرَ أن للإمام زين العابدين عليه السلام مصاحف تنسب إلى خطّه الشريف توجد في مكاتب شيراز وقزوين وأصفهان ومشهد.[١١٥]

مكانته عند المسلمين
تذكر المصادر كثيرا من الكلمات في حق الإمام السجاد عليه السلام والتي تُبيّن منزلته بين المسلمين في كل الأعصار، وكمثال على ذلك فيذكر ابو حمزة الثمالي بأنه ما سمع بأحد أزهد من علي بن الحسين إلاّ الإمام علي بن أبي طالب".[١١٦] واعتبر جابر الأنصاري أن ليس في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين."[١١٧]

كما وامتدحه كل من محمد بن مسلم الزهري والذي كان يُعد عالم الحجاز والشام[١١٨] قائلا: "ما رأيت أورع ولا أفضل منه" [١١٩] وابن سعد‎ [١٢٠] والجاحظ[١٢١] وابن الجوزي[١٢٢] وابن خلكان[١٢٣] وابن تيمية[١٢٤] والذهبي[١٢٥] وغيرهم.

فيقول ابن حجر العسقلاني: عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، زين العابدين، ثقة ثبت، عابد، فقيه، فاضل، ‏مشهور[١٢٦] ويقول الشيخ المفيد: "كان عليّ بن الحُسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً وقد روى عنه فُقهاء العامّة من العُلوم ما لا ‏يحصى كثرة، وحفظ عنه من المواعظ والأدعية، وفضائل القران والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور ‏بين العُلماء".[١٢٧]

كما وللإمام السجاد مكانة في الأدب العربي ومنه ما نظمه الفرزدق في جواب عن سؤال قاله هشام بن عبد الملك تجاهلا لقدر الإمام زين العابدين عليه السلام عندما جاء لإستلام الحجر الأسود ففرج له الناس، فقال هشام بن عبد الملك: من هذا؟ فأجابه الفرزدق:[١٢٨]
هذا الذي تعـــرف البطحاء وطأته والبــيت يعــرفه والحــل والحـــــرم
هــذا ابــن خــــــــــــــير عــباد الله كلهم هــــذا التــــقي النــقي الطاهر العــلم‏
يغـضي حيـاء ويُغضى من مهابته فمــا يكـــــــــــلم إلا حــــين يــــبــــتســـــم‏
مــــا قــــال لا قــــــــــط إلا في تشهده لــــولا التـــــــــــــــشهد كــــانت لاؤه نـــعم
هــــذا ابــن فاطـــمة إن كنت جاهله بجــــده أنبــــياء الله قـــــــــــد خــــتــموا

ورغم اختلاف تفسير كلمة "الإمام" بين الشيعة والسنة، ولكن إضافة للمصادر الشيعية فكثيرا من مصادر أهل السنة ذكرته كإمام أيضا ومنها ما قاله الذهبي في ترجمة الإمام السجاد عليه السلام: "السيد الإمام، زين العابدين، وكان له جلالة عجيبة، وحق له ذلك، فقد كان أهلا للإمامة العظمى: لشرفه، وسؤدده، وعلمه، وتألهه، وكمال عقله.[١٢٩] ومثل هذه النصوص ذكرها كل من المناوي[١٣٠] والجاحظ[١٣١]

الدعاء الرابع والعشرين من الصحيفة السجاديةوَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبَوَيْهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ

...أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابُهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ، وَأَبَرُّهُمَا بِرَّ الاُمِّ الرَّؤُوفِ، وَاجْعَلْ طَاعَتِي لِوَالِدَيَّ وَبِرِّيْ بِهِمَا أَقَرَّ لِعَيْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنَانِ، وَأَثْلَجَ لِصَدْرِي مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ حَتَّى أوثِرَ عَلَى هَوَايَ هَوَاهُمَا وَاُقَدِّمَ عَلَى رِضَاىَ رِضَاهُمَا وَأَسْتَكْثِرَ بِرَّهُمَا بِي وَإنْ قَلَّ وَأَسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِمَا وَإنْ كَثُرَ. أللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُمَا صَوْتِي، وَأَطِبْ لَهُمَا كَلاَمِي، وَأَلِنْ لَهُمَا عَرِيْكَتِي، وَاعْطِفْ عَلَيْهِمَا قَلْبِي، وَصَيِّرْنِي بِهِمَا رَفِيقاً، وَعَلَيْهِمَا شَفِيقاً...

أصحابه والرواة عنه
لقد ذكر علماء الرجال للإمام السجاد عليه السلام الكثير من الرواة والأصحاب الذين عاصروه، وممن ذكرهم الطوسي في رجاله[١٣٢]:

أبان بن تغلب
بشر بن غالب
ثابت بن دينار (أبو حمزة الثمالي)
جابر بن عبد الله الأنصاري
الحسن بن محمد بن الحنفية
رشيد الهجري
سعيد بن جبير
سعيد بن المسيب
سليم بن قيس الهلالي
عبد الله بن شبرمة
الفرزدق
محمد بن جبير بن مطعم
محمد بن شهاب
يحيى بن أم الطويل
المنهال بن عمرو
أم البراء

 

الإمام السجاد ورزايا كربلاء
حضوره في واقعة كربلاء

تشير أغلب المصادر التاريخة على أن الإمام السجاد كان يوم عاشوراء شديد المرض، حيث لما أراد الأعداء قتله بعد المعركة، امتنعوا عن ذلك وقالوا يكفيه مرضه، كما وذكر المفيد بأن مرضه كان مشرفا على الموت،[١٣٣] ويُذكر بأنه  عليه السلام طلب من عمته زينب عليه السلام في يوم الطف أن تزوده بالعصا ليتوكأ عليها، وبالسيف ليذب به عن أبيه رغم أن المرض كان قد فتك به ولم يتمكن من أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمته صدته عن ذلك لئلا تنقطع ذرية النبيصلی الله عليه وآله وسلم.[١٣٤]

ولكن هناك مَن ذكر بأنه قد قاتل يوم عاشوراء وجُرح.[١٣٥]فلقد ذكر المحدّث الزيدي الفُضَيل بن الزُبير، الأسدي، الرسّان، الكوفي، وهو من أصحاب الإمامين الباقر والصادقعليهما السلام ما نصّه: وكان علي بن الحسين عليلاً، وارتُثَ[١٣٦] يومئذٍ، وقد حَضَرَ بعض القتال، فدفع اللهُ عنه، وأخِذَ مع النساء.[١٣٧]

الإمام السجاد عليه السلام في الأسر
في زوال الشمس من اليوم الثاني بعد واقعة كربلاء، أخذت النساء والأطفال سبايا إلى الكوفة، وكان بينهم الإمام السجاد، وهو مريض، وبعد ذلك عُرض في الكوفة على ابن زياد حيث دار حديث بينهم أراد إثره أن يقتل ابن زياد الإمام لو لا تدخلت السيدة زينب ومنعته عن ذلك، ومن ثم أمر ابن زياد أن يغلّوا الإمام بغُلّ إلى عنقه، وأرسله مع النساء والصبيان والرؤوس إلى الشام[١٣٨]

خطبته في الكوفة
وفقا لبعض التقارير، أدلى الإمام سجاد (ع) بخطبة في الكوفة بعد خطبة عمته زينبعليها السلام: فبعد حمد الله والثناء عليه، بدأ كلامه بـ "أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات.[١٣٩] ولكن بحسب ظروف الكوفة وقسوة عملاء دار الإمارة ومخاوف أهل الكوفة يصعّب قبول مثل هذه الروايات. ومن جانب آخر، كلمات الإمام سجاد (ع) في خطبة الكوفة تشبه إلى حد كبير خطبته في الجامع الأموي، هذا ما يرجح بأن الرواة مزجوا بين أحداث الكوفة والشام.[١٤٠]

حواره مع ابن زياد
ذكر أصحاب المقاتل أنه لما أدخل عيال الإمام الحسين عليه السلام على عبيد الله بن زياد وأخذ يشمت بهم حدث حوار بينه وبين الإمام السجاد عليه السلام فقد التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين، فقال: من هذا؟

فقيل: علي بن الحسين.

فقال: أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟!

فقال له علي: «قد كان لي أخ يُسمى علي بن الحسين قتله الناس».

فقال: بل الله قتله.

فقال له علي:﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾.[١٤١]

فقال ابن زياد: وبك جرأة على جوابي، إذهبوا به فاضربوا عنقه.

فسمعت به عمته زينب، فقالت: يا ابن زياد، إنك لم تبقِ منا أحداً، فان كنت عزمت على قتله فاقتلني معه.

فقال علي لعمته: «اسكتي يا عمة حتى أكلمه»، ثم أقبل إليه فقال: «أبالقتل تهددني يا ابن زياد، أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة».[١٤٢]

حواره مع يزيد
لما أدخل عيال الإمام الحسين عليه السلام بعد واقعة عاشوراء إلى الشام وأوقفوهم بين يدي يزيد بن معاوية أخذ يزيد بالشماتة من الإمام السجاد عليه السلام وأهل بيته فقال له: يا علي بن الحسين الحمد لله الذي قتل أباك، فقال علي بن الحسين: لعنة الله على من قتل أبي، قال: فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه، فقال علي بن الحسينعليهما السلام: فإذا قتلتني، فبنات رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم من يردهم إلى منازلهم، وليس لهم محرم غيري؟ فقال: أنت تردهم إلى منازلهم، ثم دعا بمبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده. ثم قال له: يا علي بن الحسين أتدري ما الذي أريد بذلك؟ قال: بلى، تريد أن لا يكون لأحد علي منّة غيرك، فقال يزيد: هذا والله ما أردت، ثم قال يزيد: يا علي بن الحسين﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم﴾،[١٤٣] فقال علي بن الحسين عليه السلام: كلا ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا﴿ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها﴾، [١٤٤] فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا منها.[١٤٥]

خطبته في الشام

قال الخوارزمي: أن يزيد أمر بمنبر وخطيب، ليذكر للناس مساوئ الحسين وأبيه عليعليهما السلام، فصعد الخطيب المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وأكثر الوقيعة في عليّ والحسين وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد.

فصاح به علي بن الحسين: ويلك أيها الخطيب! اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق؟ فتبوَّا مقعدك من النار، ثم قال: يا يزيد، إئذنْ لي حتى أصعد هذه الأعواد، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب.

فأبى يزيد، فقال الناس: يا أمير الؤمنين إئذنْ له ليصعد، فلعلّنا نسمعُ منه شيئا. فقال لهم: إنْ صعد المنبر هذا لم ينزل إلاّ بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان، فقالوا: وما قدر ما يُحسن هذا؟ فقال: إنه من أهل بيت قد زُقوا العلم زقا، ولم يزالوا حتى أذن له بالصعود.

فصعد المنبر فخطب فيهم وحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب.[١٤٦]

كلامه مع أهل المدينة
ذكرت كتب التاريخ انه لما دخل عيال الحسين عليه السلام إلى المدينة المنورة وعلى رأسهم الإمام زين العابدين عليه السلام خرج إليهم أهل المدينة وقد أخذوا الطرق والمواضع، وكان الإمام علي بن الحسين عليه السلام بينهم ومعه خرقة يمسح بها دموعه.

فقال:... أيها الناس إن الله -وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الاسلام عظيمة، قتل أبو عبد الله وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لامثلها رزية.
أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار كأنا أولاد ترك وكابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين، إن هذا إلا اختلاق والله لو أن النبي تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاءة بنا لما ازدادوا على ما فعلوا بنا، فانا لله وإنا إليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها، وأوجعها وأفجعها، وأكظها، وأفظعها، وأمرّها، وأفدحها؟ فعند الله نحتسب فيما أصابنا وما بلغ بنا إنه عزيز ذو انتقام.[١٤٧]
أساليب الإمام السجاد لإحياء ذكرى عاشوراء
بكاؤه وتأكيده على البكاء على مصاب سيد الشهداء عليه السلام
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: ان جدّي زين العابدين بكى على أبيه أربعين سنة، صائما نهاره، وقائما ليله، [... وكان] يقول عليه السلام: قتل ابن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم جائعا قتل ابن رسول الله عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله تعالى.[١٤٨]

وقد روي عن أبي جعفر عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين حتى تسيل عى خده بوّأه الله تعالى بها في الجنة غُرفا يسكنها أحقابا. وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خديّه مما مسّنا من الأذى من عدونا فى الدنيا بوّأه الله منزل صدق.[١٤٩]

تأكيده على زيارة الإمام الحسين عليه السلام وحثه المؤمنين عليها
روي عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت علي بن الحسين عن زيارة الحسين عليه السلام؟ فقال: زرْه كلّ يوم، فإنْ لم تقدر فكلّ جمعة، فإنْ لم تقدر فكل فكل شهر، فمن لم يزره فقد استخفّ بحق رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم.[١٥٠]

الاحتفاظ بتربة قبر الحسين
روى المحدثون انه كانت للإمام زين العابدين عليه السلام خريطة ديباج صفراء، فيها تربة قبر أبي عبد الله عليه السلام، فإذا حضرت الصلاة سجد عليها.[١٥١]
لقد ذكر بعض المفكرين مجموعة من الصفات التي اتصفت بها فترة الحكم الأموي:

إن نظام الحكم في عهد ملوك الأمويين كان بما يُسمى في لغة العصر بـ "نظام الأحكام العرفية".[١٥٢]
لقد كان الاتهام بالكفر والزندقة والالحاد في زمن حكم الأمويين أهون من الاتهام بالولاء لأهل البيتعليهم السلام، وقد عُلّقت في الساحات العامة في الكوفة مجموعة من الجثث قد صُلبوا لحبهم للإمام أمير المؤمنين عليه السلام كميثم التمّار ورشيد الهجري وأمثالهما.[١٥٣]
كان الأمويون طغاة مستبدين لانتهاكهم قوانين الإسلام وشرائعه، وامتهانهم لمثله العليا، ووطئها بأقدامهم.[١٥٤]
الملوك الذين عاصرهم
الملوك الذین عاصرهم الإمام السجاد هم يزيد بن معاوية، ومعاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم، وعبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك.

وبخصوص علاقة مروان بن الحكم بالإمام فيُنقل أن علاقته كانت طيّبة مع الإمام السجاد عليه السلام لما أبداه الإمام تجاهه من رعاية أيام وقعة الحرة، وكان مروان شاكرا للإمام هذه المكرمة.[١٥٥]

وأما علاقة عبد الملك بالإمام زين العابدين عليه السلام ففي بداية حكمه نقلت لنا التواريخ ان عبد الملك بن مروان كان ليّنا في تعامله مع الإمام فلم يتعرض له بسوء في بدايات حكمه، فعندما أشار عليه الحجاج الثقفي بقتل الإمام السجاد عليه السلام ليصفو له الملك، فكتب له كتاب يقول فيه: فانظر دماء بني عبد المطلب فاحتقنها و اجتنبها، فإنّي رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا فيها لم يلبثوا إلّا قليلا[١٥٦]

ولكن روي ان عبد الملك بن مروان بعث للإمام السجاد عليه السلام يستوهبه سيف رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم فامتنع الإمام من إجابته، فكتب إليه عبد الملك يتهدده ويتوعده بقطع رزقه من بيت المال، فأجابه الإمام عليه السلام: أما بعد، فإنَّ الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، وقال جل ذكره﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾[١٥٧] فانظر أينا أولى بهذه الآية، والسلام.[١٥٨]

وأخيرا أمر عبد الملك باعتقال الإمام زين العابدين عليه السلام وحمله من المدينة إلى دمشق: قال الزهري: شهدت علي بن الحسين يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام، فأثقله حديداً ووكل به حفاظاً في عدّة وجمع[١٥٩]

وهكذا بالنسبة لعلاقة الوليد بن عبد الملك بالإمام علي بن الحسين عليه السلام حيث قيل: إنَّ الوليد بن عبد الملك كان يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام زين العابدين، فدسّ له السم.[١٦٠]

الثورات في عصر الإمام
تذكر المصادر بعض الثوارت التي عاصرت الإمام السجاد  عليه السلام، والتي ترتبط به بشكل أو بآخر، منها:

واقعة الحرة

وهي من الوقائع الشهيرة التي حدثت في عهد يزيد بن معاوية، وتحديدا في ذي الحجة سنة 63 هـ.[١٦١]وقد ذكر الكثير من المؤرخين أنّ سبب هذه الواقعة هو قيام أهل المدينة ضد حكم يزيد بن معاوية وهدف قيامهم يظهر من خلال إعلانهم الأول الذي ما نصه: إنّا قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويدع الصلاة، ويعزف بالطنابير، وتضرب عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسامر الخرّاب، والفتيان، وإنّا نُشهدكم أنا قد خلعناه. وأتوا عبد الله بن الغسيل، فبايعوه وولّوه عليهم.[١٦٢] وأجمعوا على أنَّ أهل الشام قتلوا في هذه الواقعة جمعاً كبيراً من الصحابة ومن أبناء المهاجرين والانصار وصل وفقاً لبعض النقول التاريخية إلى عشرة آلاف شهيد، واستباحوا المدينة المنورة ثلاثة أيام بإيعاز من يزيد بن معاوية.[١٦٣]

موقف الإمام منها
لقد اتخذ الإمام السجاد عليه السلام موقف الحياد في هذه الثورة، وتذكر المصادر أسبابا مختلفة لموقف الإمام هذه، منها:

علم الإمام بما كان عليه أهل المدينة من ضعف وقلّة، في مواجهة ما كان عليه أهل الشام من كثرة وبطش وقسوة.[١٦٤]
الاختيار الخاطئ لأهل المدينة لمكان الثورة، كما أخطأ ابن الزبير في اتخاذه مكة مقرا لحركته، فقد عرضوا هذين المكانين _الحرمين المقدسين_ لهجمات أهل الشام وانتهاكهم للمقدسات، ولذلك فإن كل العلويين الذين ثاروا على الحكام خرجوا من الحرمين، حفاظا على كرامتهما من أن يُهدر فيهما دم، وتهتك لهما حرمة.[١٦٥]
لعلم الإمام زين العابدين عليه السلام ان اشتراكه في تلك الحركة سوف يؤدي إلى إبادة أهل البيت النبوي وشيعتهم إبادة شاملة، فتمكن بحياده من الوقوف في وجه هذا العمل.[١٦٦]
لعله اتخذ الحياد موقفا للحفاظ على أرواح الكثير من الناس حتى من غير العلويين، ففي الخبر أنه ضمّ إلى نفسه أربعمائة منافيّة (أي من بني عبد مناف) يعولهن إلى أن تفرّق الجيش،[١٦٧] وكان فيمن آواهن عائلة مروان بن الحكم، وزوجته هي عائشة بنت عثمان بن عفان الأموي، فكان مروان شاكرا لعلي بن الحسين ذلك.[١٦٨] ورغم موقفه المحياد قد تكفل الإمام (ع) بالإنفاق على 400 عائلة طيلة وجود مسلم بن عقبة والجيش الشامي في المدينة..[١٦٩]
 

ثورة التوابين

وهي أول الثورات التي عاصرها الإمام علي بن الحسين عليه السلام حيث عقد الثوار مؤتمراً في منزل شيخ الشيعة وكبيرهم آنذاك سليمان بن صرد الخزاعي، فتداولوا الحديث فيما بينهم، ورأوا أنَّ ما حدث لا يمحى إلا بالثأر من قَتَلَة الحسين وكان انعقاد المؤتمر سنة "61 هـ" وهي التي قتل فيها الحسين عليه السلام ومِن هذا المؤتمر انطلقت ثورة التوَّابين للأخذ بثأر الإمام الشهيد، وتسمية هؤلاء الثائرين أنفسهم بالتوَّابين، يُعبِّر عن حالة الشعور بالذنب العظيم تِجاه الإمام وثورته، وإعلان التوبة مِن ذلك الذنب. وكان هدف الثوار - بعد نجاح الثورة - إعادة الحكم إلى ابناء فاطمةعليها السلام[١٧٠] وانطلقت في مستهل شهر ربيع الأوّل سنة 65 هجرية.[١٧١]

موقف الإمام السجاد عليه السلام منها
إن الإمام السجاد عليه السلام لم يعلن عن ارتباطه المباشر بالثورات التي قامت تدعو للثأر لأهل البيتعليهم السلام، وكذلك لم يعلن عن رفضه لها كما واجه ابن الزبير، بل أصدر بيانا عاما يصلح لتبرير الحركات الصالحة، من دون أن يترك آثارا سيئة على الإمام[١٧٢]

ثورة المختار الثقفي

لقد خرج المختار الثقفي مطالبا بدم الإمام الحسين عليه السلام، في الرابع عشر من ربيع الأول سنة 66 للهجرة[١٧٣] وقد رفع شعار "يا لثارات الحسين"، وتمكن من تحقيق ما خرج من أجله، حيث ثأر من قتلة الإمام الحسين وتولى إدارة شؤون البلاد، وشكّل حكومة.[١٧٤]

موقف الإمام السجاد منها
ذكر الرواة انه لما أرسل المختار برؤوس قتلة الإمام الحسين عليه السلام إليه، خرَّ الإمام السجاد عليه السلام ساجدا، ودعا له، وجزّاه خيرا،[١٧٥] وقام أهل البيت كافة بإظهار الفرح، وترك الحداد والحزن.[١٧٦] كما ويُنقل عن الإمام قوله لعمّه محمد بن الحنفية: يا عم، لو أن عبدا تعصّب لنا أهل البيت، لوجب على الناس مؤازرته، وقد ولَّيتك هذا الأمر فاصنع ما شئت.[١٧٧] ولكن توجد بعض الروايات أيضا تحكي عن عدم رضى الإمام عن فعلة المختار ومنها ما يذكر من إرسال المختار للإمام بعض الهدايا من العراق ولكن أبى الإمام أن يقبلها قائلا: "أَمِيطُوا عَنْ بَابِي فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدَايَا الْكَذَّابِينَ وَ لَا أَقْرَأُ كُتُبَهُم‏"[١٧٨]

ثورة عبد الله بن الزبير
قال الشيخ القرشي: انطوت نفوس الحجازيين على كره عميق للأمويين، وذلك لهجومهم في أيام يزيد على مدينة النبي وعلى الكعبة المقدسة التي هي موضع عز المسلمين، وعندما دعاهم ابن الزبير لمبايعته استجابوا له، وقد خلص له الحجاز بأسره كما خلص له غيره من سائر الأقاليم الإسلامية.[١٧٩]

كان عبد الله بن الزبير يبغض آل النبيصلی الله عليه وآله وسلم[١٨٠] ,يُذكر ان ابن الزبير طلب من العلويين البيعة له، فقالوا: لا نبايع حتى تجتمع الأمة، فاعتقلهم في زمزم وتوعدهم بالقتل والاحراق، فاستنجد ابن الحنفية بالمختار الثقفي، فأرسل المختار قوة عسكرية بقيادة أبي عبد الله الجدلي، فهجمت على السجن وخلصت العلويين منه.[١٨١]

موقف الإمام السجاد منها
يحدثنا التاريخ ان الإمام السجاد عليه السلام لم يؤيد ابن الزبير وكان يظهر التخوف من حكمه، ولعلّه بسبب أنّ ابن الزبير اتّخذ مكّة موقعاً لحركته، مما يؤدي عند هزيمته إلى أن يعتدي الأمويون على هذه البلدة المقدَسة الاَمنة، وعلى حرمة البيت الحرام والكعبة الشريفة، - وقد حصل ذلك فعلاً - مع أنَ علم الإمام بفشل حركته لضعفه وقلّة أنصاره بالنسبة إلى جيوش الدولة الأموية، كان من أسباب امتناع الإمام ومعه كل العلويين من الاعتراف بحركة ابن الزبير.[١٨٢]

الدور الفكري للإمام السجاد
قال الشيخ القرشي: لقد فتح الإمام زين العابدين عليه السلام آفاقا من العلم لم يعرفها الناس من ذي قبل فقد عرض لعلوم الشريعة الإسلامية من الحديث، والفقه، والتفسير، وعلم الكلام، والفلسفة، ويقول بعض المترجمين له: إن العلماء رووا عنه من العلوم ما لا يحصى.[١٨٣]

وذكر المحدثون أن الإمام علي بن الحسين روى مجموعة كبيرة من الأحاديث عن جدّيه الرسول الأعظمصلی الله عليه وآله وسلم والإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وعن أبيه الإمام الحسين عليه السلام وغيرهم.[١٨٤]

ولقد استفاد الإمام زين العابدين من الدعاء لطرح بعض المعتقدات الإسلامية فأوجد لدى الناس مرة أخرى اندفاعا وحركة نحو العبادة والتوجّه إلى الله.[١٨٥]

ومن هذه المعتقدات التي وردت في الصحيفة السجادية مسألة الإمامة، كقوله: رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَايِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ، وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، وَحَفَظَةَ دِينِكَ، وَخُلَفَاءَكَ فِي أَرْضِكَ، وَحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ، وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ، وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ، وَالْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ‌.[١٨٦]

وقوله عليه السلام: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ وَمَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ابْتَزُّوهَا، وَأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ، لَا يُغَالَبُ أَمْرُكَ، وَلَا يُجَاوَزُ الْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ‌ كَيْفَ شِئْتَ وَأَنَّى شِئْتَ، وَلِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَى خَلْقِكَ وَلَا لِإِرَادَتِكَ حَتَّى عَادَ صِفْوَتُكَ وَخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلًا، وَكِتَابَكَ مَنْبُوذاً، وَفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ أَشْرَاعِكَ، وَسُنَنَ نَبِيِّكَ مَتْرُوكَةً.[١٨٧]

المناسبات المرتبطة

يذكر أن المهرجان تقام بنسخته السادسة.[١٨٨]

كتب حوله
قام علي فرحان العلي في كتابه «ببليوجرافيا الإمام زين العابدين (ع)» بعرض المؤلَّفات بشأن الإمام علي بن الحسين (ع) بلغات شتی كالعربية والفارسية والأردوية، والتركية، والإنجلیزیة، كما ذكر المؤلفات التي ورد اسمها في كلمات العلماء ولم يقف علیها مباشرة.[١٨٩]
 

 زيارته

زيارة الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام:
 
السلام عليك يا زين المتهجدين، السلام عليك يا إمام المتقين، السلام عليك يا ولي المسلمين، السلام عليك يا قرة عين الناظرين العارفين السلام عليك يا خلف السابقين، السلام عليك يا وصي الوصيين، السلام عليك يا خازن وصايا المرسلين، السلام عليك يا ضوء المستوحشين، السلام عليك يا نور المجتهدين السلام عليك يا سراج المرتضين، السلام عليك يا ذخر المتعبدين، السلام عليك يا سفينة العلم، السلام عليك يا سكينة الحلم، السلام عليك يا ميزان القصاص، السلام عليك يا سفينة الخلاص، السلام عليك يا بحر الندى، السلام عليك يا بدر الدجى، السلام عليك أيها الأواه الحليم، السلام عليك أيها الصابر الحكيم، السلام عليك يا رئيس البكائين، السلام عليك يا مصباح المؤمنين.
السلام عليك يا مولاي يا أبا محمد.
أشهد أنك حجة الله وابن حجته وأبو حججه، وابن أمينه وأبو أمنائه، وأنك ناصحت في عبادة ربك وسارعت في مرضاته، وخيبت أعداءه، وسررت أولياءه.
أشهد أنك قد عبدت الله حق عبادته، واتقيته حق تقاته وأطعته حق طاعته، حتى أتاك اليقين. فعليك يا مولاي يا ابن رسول الله أفضل التحية والسلام، ورحمة الله وبركاته.

 

زيارة أئمة البقيع 

وهم: الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين علي بن الحسين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق صلوات وسلامه عليهم أجمعين، وقبورهم في وسط البقيع في بقعة واحدة.

إذا أردت زيارتهم تفعل مثل ما ذكرناه في آداب الزيارة من الغسل ولبس الثياب الطاهرة النظيفة وقصر الخطى ويأتي على سكينة ووقار والاستئذان للدخول ثم لما تقف عند عتبة تلك القبور الطاهرة تقول:

(يَا مَوالِيِّ يَا أبنَاءَ رَسُولِ اللهِ عَبدُكُم وَابنُ أمَتِكُمْ الذَلِيلُ بَينَ أيدِيكُمْ، وَالمُضعِفُ في عُلُوِّ قَدْرِكُم، وَالمُعتَرِفُ بِحقِّكُمْ، جَاءَكُم مُستَجِيراً بِكم، قَاصِداً إلى حَرمِكُم مُتَقرِّباً إلى مَقَامِكم، مُتَوسِّلاً إلى اللهِ بِكُم، أأدخلُ يَا مَواليِّ؟ أأدخلُ يَا أولياءَ اللهِ؟ أأدخلُ يا ملائكةَ اللهِ المُحْدِقِينَ بِهذا الحَرمِ المُقيمينَ بِهذا المَشهَدِ؟).

وتدخل بعد الخشوع والخضوع ورقة القلب وتقدِّم رجلك اليمنى وتقول:

(اللهُ أكبرُ كَبيراً، وَالحمدُ للهِ كَثيراً، وَسُبْحانَ اللهِ بُكرةً وَأصيلاً، وَالحمدُ للهِ الفَردِ الصَمَدِ، المَاجِدِ الأحَدِ المُتَفَضِّلِ المَنَّانِ المُتَطَوِّلِ الحَنّانِ الذِي مَنْ بِطَولِهِ وَسَهَّلَ زِيارةَ سَادتِي بِإحسَانِهِ، وَلَمْ يَجعَلْنِي عَن زِيارَتِهم مَمنُوعاً بَلْ تَطوَّلَ وَمَنَحَ).

ثم اقترب من قبورهم المقدسة واستقبلها واستدبر القبلة واقرأ الزيارة.

ونحن نذكر هنا زيارتين: الأولى مفصّلة والثانية مختصرة، نقل الأولى في الكافي والفقيه والتهذيب وننقل هنا من الفقيه. والزيارة الثانية نقلها الشيخ الكفعمي في المصباح.

الزيارة الأولى:

(السَلامُ عليكُم يا أئمةَ الهُدى، السَلامُ علَيكُم يا أهلَ التَقوى، السَلامُ عليكُم يَا حُجَجَ اللهِ على أهلِ الدُنيا، السَلامُ عليكُم أيُّها القوَّامونَ في البريَّةِ بالقِسطِ، السَلامُ علَيكُم يا أهلَ الصَفوَّةِ، السَلامُ علَيكُم يا أهلَ النَجوَى. أشهَدُ أنكُم قد بَلَّغتُم ونَصَحتُم وًَصبَرتُم في ذاتِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ وَكُذِّبتُمْ، وَأُسِيئَ إلَيكُم فَغَفَرتُم، وَأشهَدُ أنَّكُمُ الأئمةُ الرَاشِدونَ، وَأنَّ طَاعَتَكُم مَفروضَةٌ، وَأنَّ قَولَكُم الصِدقُ، وَأنَّكُم دَعَوتُم فَلَم تُجَابُوا، وَأمَرتُم فَلَم تُطاعُوا، وَأنَّكُم دَعائمُ الدِينِ، وَأركانُ الأرضِ، لَم تَزَالُوا بِعَينِ اللهِ، يَنسَخُكُم في أصلابِ المُطَهَّرينَ، وَينقُلُكم في أرحَامِ المُطهَّراتِ، لم تُدَنِسكُمُ الجَاهِليةُ الجَهلاءُ وَلم تَشْرَكْ فِيكم فِتنُ الأهوَاءِ، طِبتُم وَطابَت مَنبَتَكم، أنتمُ الذينَ مَنَّ بِكم عَلَينا دَيَّانُ الدِين فجَعَلَكم في بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أنْ تُرفعَ وَيُذكرَ فِيها اسمُهُ، وَجعلَ صَلوَاتِنا عَليكُم رَحمةً لَنّا وَكفَارةً لِذُنُوبِنا إذا اختارَكم لَنَا، وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَينا مِن وِلايَتِكُم، وَكُنَّا عِندَهُ بِفَضلِكُم مُعتَرِفِينَ، وَبِتَصدِيقِنا إيَّاكُم مُقرِّينَ، وَهذا مَقامُ مَنْ أسرَفَ وَأخطأ وَاستَكَانَ وَأقرَّ بِما جَنَى، وَرَجَا بِمَقَامِهِ الخَلاصَ، وَأنْ يَستَنقِذَهُ بِكم مُستَنقِذُ الهَلكَى مِنَ النَار فَكُونُوا لِي شُفَعَاءَ، فَقَد وَفدْتُ إلَيكُم إذْ رَغِبَ عَنكُم أهلُ الدُنيا، وَاتخَذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً، وَاستَكبَرُوا عَنها، يَا مَنْ هُوَ قَائمٌ لا يَسهُو وَدائمٌ لا يَلهُو وَمحيطٌ بِكلِّ شيءٍ، لكَ المَنُّ بِما وَفَّقتَنِي وَعرَّفتَنِي بِما ائتَمَنتَنِي عَليهِ إذْ صَدَّ عَنهُ عِبادُكَ، وَجِهلُوا مَعرِفَتَهم، وَاستَخفُّوا بِحَقِّهم، وَمَالُوا إلى سِواهُم، فَكَانتِ المِنَّةُ مِنكَ عَليَّ مَعَ أقوامٍ خَصَصتَهُم بِما خَصَصتَنِي بِهِ فَلكَ الحَمدُ إذْ كُنتُ عِندكَ في مَقامِي مَكتوباً، فَلا تَحرِمْنِي ما رَجوتُ، وَلا تُخَيِّبنِي فِيمَا دَعَوتُ).

ثم ادعُ لنفسك بما تريد ثم صلّ صلاة الزيارة ثمان ركعات لكل إمام ركعتين. وإذا لم يتمكن الزائر من الإتيان بها في البقيع لا بأس بالإتيان بها بعد الخروج من البقيع في مكان آخر بقصد الرجاء.

الزيارة الثانية لأئمة البقيع (عليهم السلام):

(السَلامُ عَليكُمْ يَا خُزَّانَ عِلمِ اللهِ، وَحَفظَةَ سِرِّهِ، وَتَرَاجِمَةَ وَحيِهِ، أَتَيتُكُم يَا بَنِي رَسُولِ اللهِ عَارفاً بِحقِّكُم، مُستَبصِراً بِشأنِكُم، مُعَادِياً لأعدَائِكُم، مُوالِياً لأولِيائِكُم، بِأبِي أنتُم وَأمِّي، صَلَّى اللهُ عَلى أروَاحِكُم، وَأبدَانِكُم. اللهُمّ إنِّي أتَوَلَّى آخِرَهُم كَمَا تَوَلَّيتُ أوَّلَهُم، وَأبرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُم آمنتُ بِاللهِ وَكَفرتُ بِالجِبتِ وَالطَاغُوتِ وَاللاتِ وَالعُزَّى، وَكُلِّ نِدٍّ يُدعَي مِن دُونِ اللهِ).

زيارة أئمة البقيع سلام الله عليهم عند الوداع:

(السََلامُ عَليكُم أئمةَ الهُدَى وَرَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ، أستَودِعُكمْ اللهَ وأقرَأُ عَلَيكُمُ السَلامَ، آمَنّا باللهِ وبالرَسولِ وبِما جِئتُمْ بِهِ وَدَلَلتُم عليهِ، اللهمَّ فَاكتُبنَا مَعَ الشَاهِدينَ ولا تَجعَلهُ آخرَ العَهدِ مِنِّي لِزيَارَتِهِم، وَالسَلامُ عَليهِم وَرَحمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ).

ثم تسأل من الله تعالى أن لا يجعله آخر العهد من زيارتك لأئمتك (عليهم السلام).

وهذه الزيارة الآتية مذكورة في الفقيه والتهذيب في ذيل الزيارة الجامعة بعنوان الوداع ونحن ننقلها من الفقيه:

(السَلامُ عَلَيكُم سَلامَ مُودِّعٍ، لا سَئِمٍ وَلا قَالٍ وَلا مَالٍّ، وَرَحمةُ اللهِ وَبَركاتُهُ عَلَيكُم يَا أهلَ بَيتٍ النُبوَّةِ إنَّهُ حَمِيدٌ مَجيدٌ، سَلامَ وَلِيٍّ غَيرِ رَاغبٍ عَنكُم، وَلا مُستَبدِلٍ بِكُم وَلا مُؤْثِرٍ عَليكُم، وَلا مُنحَرِفٍ عَنكُم، وَلا زَاهِدٍ في قُربِكُم، لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ العَهدِ مِن زِيارَةِ قُبورِكُم، وَإتيَانِ مَشَاهِدِكُم وَالسَلامُ عَلَيكم، وَحَشَرَنِي اللهُ في زُمرَتِكُم، وَأورَدَنِي حَوضَكُم، وَجَعَلَنِي مِن حِزبِكُم وَأرضَاكُم عَنّي، وَمَكَّنَنِي مِن دَولَتِكُم، وَأحيَانِي في رَجعَتِكُم، وَمَلَّكَنِي في أيَّامِكُم وَشَكَرَ سَعيِي بِكم، وَغَفَرَ ذَنبِي بِشفَاعَتِكُم، وَأقَالَ عَثرتِي بِمَحَبَّتِكُم وَأعلَى كَعبِي بِموَالاتِكم، وَشَرَّفَنِي بِطاعَتِكم، وَأعَزَّنِي بِهُداكُم، وَجَعَلَنِي مِمَّنْ انقَلَبَ مُفلِحاً مُنجِحاً، غَانِماً سَالماً، مُعافىً غَنياً، فَائزاً بِرضوانِ اللهِ وَفضلِهِ وَكِفايَتِهِ، بِأفضَلِ مَا يَنقلِبُ بِهِ أحَدٌ مِن زُوَّارِكُم وَمَوَالِيكُم وَمُحبِّيكُم وَشِيعَتِكُم، وَرَزَقَنِي اللهُ العَودَ ثُمَّ العَوْدَ أبداً مَا أبقَانِي رَبِّي، بِنيَّةٍ صَادِقةٍ، وَإيمانٍ وَتَقوَى وَإخباتٍ، وَرِزقٍ وَاسِعٍ حَلالٍ طَيِّبٍ. اللهُمَّ لا تَجعَلْهُ آخِرَ العَهدِ مِن زِيارَتِهِم وَذِكْرِهِم، وَالصَلاةِ عَلَيهِم، وَأوجِبْ لِيَ المغفِرةَ والرَحمةَ وَالخيرَ وَالبركةَ وَالتقوَى وَالفوزَ وَالنُورَ وَالإيمانَ، وَحُسْنَ الإجَابةِ، كَما أوجَبتَ لأولِيائِكَ العَارِفينَ بِحَقِّهِم، المُوجِبينَ طَاعَتَهم، وَالرَاغِبينَ في زِيارَتِهم المُتَقرّبِينَ إليكَ وَإليهِم. بِأبِي أنتم وَأُمِّي وَنَفسِي وَأهلِي وَمَالي، اجعَلُونِي في هَمِّكُم، وَصَيِّرُونِي في حِزبِكُم، وَأدخِلُونِي في شَفَاعَتِكُم، وَاذكُرُونِي عِندَ رَبِّكُم، اللهُمّ صَلِّ عَلى محمّدٍ وآلِ محمّدٍ، وَأبلِغْ أروَاحَهم وَأجسَادَهُم مِنِّي السَلامَ، وَالسَلامُ عَليهِ وَعلَيهِم وَرحمةُ اللهِ وَبركاتُه، وَصَلَّى اللهُ عَلى محمّد وآلهِ وَسَلَّمَ كَثيراً، وَحَسبُنا اللهُ وَنِعمَ الوَكيلُ).


الهوامش
1. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 33 - 34.
2. الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.
3. المدرسي، الإمام زين العابدين، ص 11.
4. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.
5. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 464.
6. البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 31.
7. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 22.
8. الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 49.
9. النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 237.
10. الشبلنجي، نور الأبصار، ص 126.
11. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 247.
12. الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 214.
13. الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.
14. العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 3، ص 306.
15. الفالي، موسوعة الأنوار في سيرة الأئمة الأطهار، ج 7، ص 12.
16. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 36.
17. القلقشندي، صبح الأعشى، ج 1، ص 452.
18. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 377.
19. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 244.
20. ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 152.
21. الأربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 317.
22. المالكي، الفصول المهمة، ص 187.
23. الصدوق، الأمالي، ص 319.
24. البكري، تاريخ الخميس، ج ‏2، ص 286.
25. الإربلي، كشف الغمة، ج ‏1، ص 582.
26. المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.
27. الشبلنجي، نور الأبصار، ص 137.
28. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.
29. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 33.
30. المالكي، الفصول المهمة، ص 212.
31. الشبلنجي، نور الأبصار، ص 136.
32. النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 222.
33. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 33.
34. ثامر، الإمامة في الإسلام، ص 116.
35. الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 104.
36. المالكي، الفصول المهمة، ص 187.
37. المفيد، الإرشاد، ص 137.؛ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، ص 175.؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 45 - 47.
38. القرشي، حياة الإمام الباقر عليه السلام، ج 1، ص 57.
39. الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 52.
40. ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، 1991، ص 189؛ الشبراوي،الإتحاف، 2002، 277.
41. الكليني، الكافي (ط: دار الحديث)، ج 2، ص 519.
42. المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 137.
43. الكفعمي، المصباح، ص 509.
44. الطوسي، مصباح المتهجد، ج 2، ص 787.
45. ابن شهر آشوب، المناقب (ط - علامه)، ج 4، ص 176. الأربلي، كشف الغمة (ط - بني هاشمي)، ج 2، ص 82.
46. ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 298 - 299.
47. التبريزي، الاكمال في أسماء الرجال، ص 80.
48. ابن الأثير، المختار من مناقب الأخيار، ج 4، ص 50.
49. الشبلنجي، نور الأبصار، ص 286.
50. الشافعي، مطلب السؤول، ص 275.
51. الشبلنجي، نور الأبصار، ص 286.
52. الشافعي، كفاية الطالب، ص 306.
53. الكوفي، مناقب أمير المؤمنين، ج 3، ص 311.
54. التستري، تواريخ أعلام الهداية، ص 109 و123.
55. التستري، تواريخ أعلام الهداية، ص 109 و123.
56. التستري، تواريخ أعلام الهداية، ص 123.
57. الحسيني، غاية الاختصار، ص 106.
58. البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 58 - 59.
59. المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.
60. الشبلنجي، نور الأبصار، ص 36.
61. الشيخاني، الصراط السوي، ص 192.
62. ال عمران: 134.
63. النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.
64. المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 118.
65. الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 145.
66. تقي خان، ناسخ التواريخ، ج 1، ص 13.
67. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 3، ص 6.
68. المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.
69. أي اشتد شوقهم إلى اللحم.
70. المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 66.
71. المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 67.
72. الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 105.
73. المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 103 و104.؛ ابن طاووس، الإقبال بالأعمال، ج 1، ص 261.
74. الأحزاب: 21.
75. الأصفهاني، بهجة الأبرار، ص 45.
76. السجاد عليه السلام، الصحيفة السجادية، ص 61 - 62.
77. النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.
78. ابن شهرآشوب، المناقب، ج ‏4، ص 150.
79. الراوندي، الدعوات، ص 4.
80. المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.
81. المالكي، الفصول المهمة، ص 192.
82. ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 103.
83. الخزاز، كفاية الأثر، ص 311.
84. الكليني، الكافي، ج 1، ص 297.
85. الخوانساري، روضات الجنات، ص 247 - 248.
86. الطوسي، الغيبة، ص 195_196.
87. الثقفي، الغارات، ج 2، ص 861.
88. الطبري، دلائل الإمامة، ص 88.
89. الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 241.
90. الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 4، ص 78_79.
91. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 122.
92. المفيد، أوائل المقالات، ص 47.
93. الهادي إلى الحق، رسائل العدل والتوحيد، ج 2، ص 76.
94. دفتري، الإسماعيليون، ص 150.
95. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 339.
96. المزمل: 4.
97. المقرم، الإمام زين العابدين عليه السلام، ص 279.
98. البقرة: 208.
99. البحراني، البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص 129.
100. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 348.
101. الكليني، الكافي، ج 3، ص 409.
102. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1، ص 46.
103. الصدوق، التوحيد، ص 366 - 367.
104. الكليني، الكافي، ج 1، ص 100.
105. المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 152.
106. آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 15، ص 18 – 19.
107. نقلاً: عن مقدمة المرعشي على الصحيفة، ص 43- 45.
108. الموسوي، موسوعة الأنوار، ج 7، ص 190 - 191.
109. موقع الأثر الإلكتروني.. ترجمات الصحيفة السجادية
110. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 16، ص 159.