مقبرة البقيع

| |عدد القراءات : 187
مقبرة البقيع
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

 

مقبرة البقيع:

 وتُسمَّى "البقيع الغرقد" لأنَّه كان موجوداً فيها شجر العوسج لكنَّه قُطع، وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية للمسجد النَّبوي الشريف، وهي مقبرة من قبل الإسلام، لكنَّها بعد دخول الإسلام خُضِّصت لدفن المسلمين. انظر سورة التوبة المباركة، الآية 100.

 ولمقبرة البقيع أربعة أبواب، لا يُفتح منها في هذه الأيام إلاَّ باب واحد، ولفترة وجيزة عند الصباح للزيارة، وللرجال فقط.

 ولهذه المقبرة شأنٌ عظيم، فيكفيها تفرُّدها عن أيِّ بقعة في العالم، بأنَّها الوحيدة التي تضم أربعة أئمة من أهل بيت النُّبوَّة (ع)، فضلاً عن بعض أولاد النَّبي (ص) وزوجاته وعمَّاته وحاضنته (فاطمة بنت أسد) ومرضعته (حليمة السعديَّة)، وعدد كبير من الصحابة، والتابعين بإحسان الذي رضي الله عنهم، وقرّاء وحفظة القرآن، والسادة الهاشمِّيين، وشهداء صدر الإسلام (شهداء أُحُد)....

 فهي البقعة التي تضمُّ عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار، إضافة لأنسباء وأرحام النَّبي (ص) كما تقدَّم.

 ويكفيها أيضاً ما ورد عن رسول الله (ص) في أنَّه" يُحْشر من هذه المقبرة سبعون ألفاً يدخلون الجنَّة بغير حساب، وكأنَّ وجوههم القمر ليلة البدر".

 ورُوي أنَّه (ص) قام في جوف اللَّيل مُتوجِّها ً إلى مقبرة البقيع لأنَّه أُمر بالاستغفار لأهلها، فلمَّا وصلها، سلَّم على أهلها، ثم استغفر لهم طويلاً.

 وهي من الأماكن الأساسيَّة التي تُزار لِمَنْ قصد المدينة المنوَّرة، والروايات مستفيضة بل متواترة في أهميَّتها عن سائر المسلمين، فتُراب هذه المقبرة أختلط بأجساد الأولياء والأتقياء والتابعين وقرَّاء القرآن... وتشرَّف بأقدام رسول الله (ص).

 يقول أبو العلاء المعرِّي:

صـاحِ، خفِّـفْ الـوطءَ مـا أظـنُّ ***أديـم الأرض إلاَّ مـن هـذه الأجسـاد

رُبَّ لَحْـدٍ قد صـار لحـداً مـراراً***ضـاحكـاً من تـزاحـم الأضـداد

 


ومِمَّنْ دُفن في البقيع:

1- عثمان بن مظعون (أوَّل مَـنْ دُفـن فيهـا من المهاجرين) وكان من أوائل مَنْ أسلم، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة المنوَّرة، وشهد بدراً، وكان شجاعاً مقداماً، عنيداً في نُصرْه الحق، وعُرف بعبادته فكان في النَّهار صوَّاماً، وفي اللَّيل قوَّاماً.

 ولمَّـا مات قبَّلَهُ رسولُ الله (ص) وبكاه، وعيناه تهرقان، وعندما سُئل: يا رسول الله أين ندفنه؟ قال: بالبقيع.

 ثم قام بنفسه فَلَحَدَ له... ووضع علامة ً عند قبره، لتكون علامة ً عليه، وليدفن عنده مَنْ يموت من أهله.

 وعندما تـُوفِّيَ إبراهيم ابن رسول الله(ص)، قال(ص): "إلـحقْ بالسلف الصالح عثمان بن مظعون".

 ثم قال بعد دفنه:"نِعْمَ السَّلفُ لنا هو عثمان بن مظعون".

 دفن في أوَّل البقيع حيث بنات رسول الله (ص) مقابل مَنْ يدخل من الباب ويمشي مستقيماً،(حوالي 25 متراً) وغير صحيح ما يُقال إنَّه في آخر البقيع، فذاك قبر عثمان بن عفَّان.

 2- عمَّتا النَّبي (ص) صفيَّة وعاتكة: قبرهما على يسار الداخل، لمسافة 15 متراً تقريباً من الباب الرئيسي، ويُسمَّى "بقيع العمَّات"

والمكان معروفٌ ومقصود.

 أمَّا صفيَّة، فهي بنت عبد المطَّلب، وكانت شجاعةٌ وصاحبةَ شهامة، ففي أيام معركة الأحزاب دخل أحدُ يهود بني قُريظة مُتجسساً على نساء المسلمين، فطلبت من حسّان بن ثابت أن يقتله، فخاف، فتصدَّت لليهودي بنفسها حتى قتلَتْه.

 وأمّا عاتكة، أختُ صفيَّة فدفنت بجوارها.... وقيل إنَّ هناك أيضاً، العمة الثالثة لرسول الله (ص) جمانة بنت عبد المطَّلب.

 3- إبراهيم بن رسول الله (ص): وهو ابن ماريا القبطيَّة وُلد في السَّنة السابعة للهجرة، ومات وله من العمر حوالي سنة ونصف، وأمر رسول الله أن يُدفن بالبقيع عند عثمان بن مظعون، فرغب النَّاس في البقيع.

 4- بنات رسول الله (ص): وهُنَّ زينب ورُقيَّة وأم كلثوم، وقبورهن متجاورات... وأمُّهُنَّ خديجة رضوان الله عليها.

ولما ماتت رُقيَّة، قال النَّبي (ص): وبكت السيدة الزهراء (ع) على شفير القبر، فأخذ النَّبي (ص): يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه.

أمَّا أُمُّ كلثوم فقد غَسَلَتْها أسماء بنت عُميس، ودُفنت بجوار أختها رُقيَّة، وقام بدفنها علي (ع) والفضل بن العباس.

 5- فاطمة بنت أسد (والدة علي بن أبي طالب(ع)): وهي الحاضنة والراعية والمربِّيةُ لرسول الله (ص).

 وهاجرت مع ابنها أمير المؤمنين(ع) إلى المدينة المنوَّرة، حيث قضت آخر أيام حياتها، فلمَّا ماتت وحُفر قبرُها، لحد لها رسول الله (ص) لحداً، ونزل فيه قارئاً للقرآن، وكفَّنها(ص) بقميصه المبارك، وصلَّى عليها عند قبرها، وقال: " ما أعفِيَ أحدٌ من ضغطة القبر إلاَّ فاطمة بنت أسد".

 وتكفي أفعالُ رسول الله (ص) معها لمعرفِة عظيم شأنها.

 ورُوي أنَّه عندما أُخبر بوفاتها، قال لجلسائه: " قوموا بنا إلى أُمي" فلمَّا وصل المنزل نزع قميصه وأمر به تحت أكفانها، وحمل نعشها مرّات، وتمعَّك في قبرها، فلمَّا دُفنت قال: " جزاكِ الله من أمٍ وربيبة خيراً، فَنِعْمَ الأُمُّ، ونِعْمَ الربيبة كنتِ لي".

 وعندما سُئل عن سبب تكفينها بقميصه، وتمعُّكِهِ في لحدها، ولم يفعل ذلك لأحدٍ من قبلها، قال: "أمَّا قميصي فأردتُ لألاَّ تمسَّها النَّارُ أبداً إن شاء الله، وأمَّا تمعُّكي في اللَّحْد فأردتُ أن يُسِّعَ اللهُ عليها قبرها".

 قبرها في البقيع قرب قبور الأئمة الأربعة (ع) وإلى جوار قبر العباس بن عبد المطَّلب. (قبورهم جميعاً في جهة الجنوب مع ميل للشرق بسيط، تقع عينُ الداخل عليهم مباشرةً). راجع "هداية النَّاسكين"، 255.

 6- العبَّاس بن عبد المطَّلب: عمُّ النَّبي (ص) ومن وجهاء مكة وأشرافها، جاهر بإسلامه، ودافع عن النَّبي (ص) بشدَّة.

كان مُحباً لأمير المؤمنين (ع) (ابن أخيه) وتُوفِّي سنة 33 للهجرة، وقبره معروف في البقيع، قرب قبور الأئمة(ع).

 7- الحسن بن علي بن أبي طالب (ع): إمام المسلمين بعد أبيه أمير المؤمنين(ع) وسبط رسول الله (ص) وحبيبه كما صرَّح ذلك مراراً ومتواتراً عند سائر المسلمين، وهو الذي سمَّاه الذي لم يكن معروفاً من قبل.

وكان أشبه الخَلْق والخُلُق برسول الله (ص).

 شارك في أشرس المعارك وأشدِّها إلى جانب أبيه (ع): في الجمل وصفين والنهروان، صيانة للإسلام عن الانحراف والبِدْعة.

 كانت أُمْنيَتُهُ أن يُدفن إلى جانب جدِّه خاتم أنبياه الله (ص)، فأوصى بذلك،.... لكنَّ الذين خطَّطوا لقتله(ع) منعوا ذلك بقوَّة السلاح، فنُقل إلى البقيع، ودُفن إلى جانب جدَّته لأبيه، فاطمة بنت أسد، رضوان الله عليها، في مقابر بني هاشم.

 (بعد 25 متراً للداخل من باب البقيع، مع تمايل بسيط إلى جهة اليمين).

 8- عليُّ بن الحسين زين العابدين(ع): ابن الحسين ابن علي بن أبي طالب إمام المسلمين بالحقِّ في عهد يزيد، وابنه معاوية، ومروان بن الحكم، وعبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك.

دُفن في البقيع مع عمِّه الحسن قرب قبر العباس بن عبد المطَّلب.

 9- محمّد بن علي الباقر (ع): إمام المسلمين في عصره، أمُّهُ فاطمة بنت الحسن بن علي، كنيتُهُ أبو جعفر.

عاصر عهود عدّة ملوك، من بينهم عمر بن عبد العزيز. دُفن في القيع مع أبيه وعمِّه.

 10-جعفر بن محمد الصادق(ع): إمام المسلمين، عاصر عدّة ملوك من بينهم السَّفَّاح، أُمُّهُ فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.

 وكانت على هذه القبور قِبابٌ معروفة ومشهورة منذ قديم الزمان، تحدَّث عنها ابنُ جُبير وابنُ بطوطة بالتفصيل، رِفْعت باشا في مرآة الحرمين.... لكنَّ هذه القباب نُسفت عن بِكْرة أبيها، ولم يبق منها شيءٌ، منذ خمس وسبعين عاماً تقريباً، من كتابة هذه السطور، وتحديداً بعد عيد الفطر المبارك، في 8 شوال 1344 للهجرة.

 ولم يُراع في ذلك عهدٌ ولا ذِمَّة... في الوقت الذي يُحافَظُ فيه على آثار الفراعنة والفينيقيين وعُبَّادِ الأصنام لمجرَّد دعوى الهويَّة أو شبهة الانتساب لهم!!!

 11-   

 12-أُمُّ البنين، زوجة أمير المؤمنين(ع): وهي والدة أبي الفضل العبَّاس، عُرفت بإخلاصها وورعها وحنانها، فهي التي قدَّمت أولادها الأربعة دفاعاً عن أبي عبد الله الحسين(ع) في كربلاء، وكانت راضيةً مُحتْسبةً.

 وعندما جاء مَنْ يُخْبرها بما حصل في كربلاء، سألت عن الحسين(ع) قبل أن تسأل عن أولادها.... فأخبرها عنهم أولا ً فتحاملت على نفسها، فما ذكر الحسين (ع) وما جرى معه، سقط حفيدها من ابنها العباس عن كتفها.

 وهي التي طلبت من زوجها أمير المؤمنين(ع) أن لا يُناديها باسمها (كان اسمها فاطمة) حتى لا يتأذَّى الحسن والحسين.

 وكان حنانها عليهما معروفاً.

 دُفنت في بقيع العمَّات، رضوان الله عليها.

 13- عقيل بن أبي طالب: وهو أحد إخوة أمير المؤمنين وكان يكبره بعشرين عاماً، وكان يُحبُّه رسول الله(ص) حبّاً مُميَّزاً كرامة له ولأبيه(كان يُحبُّهُ النَّبيُّ حُبَّيْن).

كانت داره في وسط البقيع، فما تُوفِّيَ دُفن فيها، وبعد ذلك دُفن أكثر بني هاشم بجواره.

(للداخل من الباب الرئيسي، يمشي مستقيماً مسافة 25متراً تقريباً...).

 وكانت تعلو قبره قبة ٌ كبيرة، وهُدمت في هذا القرن! الطيَّارة، الذي جعل الله تعالى له جناحين يطير بهما في الجنَّة.

 وهو زوج زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين(ع)، ورفيقة الحسين في كربلاء، وأُّم عددٍ من الشهداءِ فيها.

 كان مشهوراً بكرمه وجوده وقضائه لحوائج النَّاس.

دُفن في البقيع بجوار عمِّه عقيل.

 15-محمد بن زيد: وهو حفيد الإمام زين العابدين(ع)، دُفن بجوار عقيل بن أبي طالب.

 16- حليمة السَّعديَّة: مُرضِعة النَّبي(ص)، دُفنت في آخر البقيع، باتِّجاه شمالِ شرق، قبرها معروف، وكانت تعلوه قبة ٌ كبيرة، وهُدمت من جلمة ما هُـدم.

وكان النَّبي (ص) يزور قبرها مراراً، هلي أُمُّهُ بالرَّضاعة.

 17-اسماعيل بن الإمام الصادق(ع): وهو ولده الأكبر، دُفن بجوار شهداء أُحد وشهداء الحرَّة (يأتي الحديث عنهم إن شاء الله). (إليه ينتسب أهلُ الفرقة الاسماعيليَّة).

 18- أبو سعيد الخُدري: من أجلاَّء الصحابة، بقيَ مُخْلصاً لأمير المؤمنين(ع) ومُوالياً له، تُوفِّيَ بالمدينة ودُفن بالبقيع، جهة قبر السيدة حليمة السعدية (أقصى البقيع باتِّجاه شمال شرق، بتياسر بسيط للداخل من الباب، ثم يَلِجُ مستقيماً إلى آخر المقبرة).

 19- عبد الله بن مسعود: من كبار صحابة رسول الله (ص) ومن محبِّي علي(ع)، كان من أكبر وأشهر قُرَّاء القرآن، وكان فقيهاً وقاضياً ومن أهل الاستشارة والنَّصيحة. قبره قرب قبر عثمان بن مظعون.

 20- شهداء أُحُد: حيث سقط في هذه المعركة للمسلمين 70شهيداً، من جملتهم حمزة بن عبد المطَّلب عمُّ النَّبي(ص)... ونُقل الجرحى إلى المدينة المنوَّرة وكانت جراحات بعضهم بليغةً، أدَّت إلى وفاتهم فيما بعد، فدُفِنوا في البقيع. مكانهم معروف ويُحيط بهم جدار بارتفاع حوالي المتر.

 21- شهداء الحرَّة: الحرَّة اسم مكان في المدينة الموَّرة حيث نزل جيشُ يزيد بن معاوية الآتي لمحاربة أهل المدينة لأنَّهم رفضوا مبايعته، فقاتلهم قتالاً شنيعاً، وفعل أفعالاً مهولة:

- قتل 7000 من المهاجرين والأنصار، من الصحابة والتابيعن والحُفَّاظ... من الهاشميين وغيرهم.

- استباح المدينة، ونهب الأموال، وأخذ أهلها عبيداً له... وهم الذين نصروا الإسلام وقامت دولتُهُ عندهم.

 ويزيد نفسه هو الذي رمى الكعبة الشريفة بالمنجنيق!

دُفن الكثير من شهداء الحرَّة في البقيع بجوار شهداء أُحُد، وحولهم جدارٌ يُحيط بهم.

 22- ومِمَّنْ دُفن في البقيع: محمد بن الحنفيَّة بن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وبعض أولاد أو أحفاد الأئمة السَّجَّاد والباقر والصادق والكاظم (ع) والمقداد، ومالك الأشتر، وزيد بن الأرقم، وحميدة ورُقيَّة زوجتا مسلم بن عقيل وأخيه عبد الرحمن، الحسن المثَّنى، جابر بن عبد الله الأنصاري، حسان بن ثابت، جعفر بن الحسن(ع) سهل بن سعد الساعدي، الأرقم بن أبي الأرقم، أُسامة بن زيد،....

 

زيارة البقيع:

 

ورد الكثير في فضل وثواب زيارة البقيع... وخاصة الأئمة الأطهار..

 وفي النصِّ أنَّ رسول الله (ص) قال للحسن(ع): "مَنْ زارني، أو زار أباك، أو زارك، أو زار أخاك، كان حقّا ً عليَّ أن أزوره يوم القيامة حتى أُخلِّصَهُ من ذنوبه". بحار الأنوار، ج97، ص141.

 وعنه(ع) انَّه قال: "مَنْ زار الحسن في بقيعه، ثَبُتَ قدمُهُ على الصراط يوم تزلُّ الأقدام". بحار الأنوار، ج97، ص141.

 وعن الصادق(ع) وهو أحدُ المدفونين في مقبرة البقيع، قال: "مَنْ زارني غُفرت له ذنوبُهُ ولمي يمُتْ فقيراً"

 وأمر جبرائيل (ع) رسولَ الله(ص) أن يستغفر لأهل البقيع... ويقول: "السلام عليكم أهل الدِّيار من المؤمنين والمسلمني ويرحم اللهُ المستقدمين والمستأخرين". المصدر نفسه، ص145.

 وأتى النَّبي البقيع فقال:"اللَّهمّ اغفر لأهل البقيع الغرقد".