الرئيسية | | جامع فتاوى الحج و العمرة | شرائط وجوب حجة الإسلام
شرائط وجوب حجة الإسلام
الرابع: الرجوع إلى الكفاية. وهو التمكن بالفعل أو بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع, وبعبارة واضحة يلزم أن يكون المكلف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من العوز والفقر بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحج, وعليه فلا يجب على من يملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحج, وكان ذلك وسيلة لإعاشته وإعاشة عائلته مع العلم بأنه لا يتمكن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه, فبذلك يظهر أنه لا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه من أمواله، فلا يجب بيع دار سكناه اللائقة بحاله وثياب تجمله وأثاث بيته, ولا آلات الصنائع التي يحتاج إليها في معاشه, ونحو ذلك مثل الكتب بالنسبة إلى أهل العلم مما لا بدَّ منه في سبيل تحصيله, وعلى الجملة كل ما يحتاج إليه الإنسان في حياته وكان صرفه في سبيل الحج موجباً للعسر والحرج لم يجب بيعه. نعم, لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحج، بل من كان عنده دار قيمتها ألف دينار _ مثلاً _ ويمكنه بيعها وشراء دار أخرى بأقل منها من دون عسر وحرج لزمه ذلك إذا كان الزائد وافياً بمصارف الحج ذهاباً وإياباً وبنفقة عياله.
(مسألة 41): كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد والراحلة حدوثاً كذلك يعتبر بقاءاً إلى إتمام الأعمال. بل إلى العود إلى وطنه, فإن تلف المال في بلده أو في أثناء الطريق لم يجب عليه الحج, وكشف ذلك من عدم الاستطاعة من أول الأمر, ومثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري, كما إذا أتلف مال غيره خطأ ولم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في سبيل الحج, نعم الاتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحج، بل يبقى الحج في ذمته مستقراً فيجب عليه أداؤه ولو متسكعاً, هذا كله في تلف الزاد والراحلة، وأما تلف ما به الكفاية من ماله في بلده فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أول الأمر بل يجتزئ حينئذٍ بحجه, ولا يجب عليه الحج بعد ذلك.
(مسألة 68): من استقر عليه الحج إذا مات بعد الإحرام في الحرم أجزأه عن حجة الإسلام، سواء في ذلك حج التمتع والقران والإفراد, وإذا كان موته في أثناء عمرة التمتع أجزأ عن حجه أيضاً ولا يجب القضاء عنه, وإن مات قبل ذلك وجب القضاء حتّى إذا كان موته بعد الإحرام وقبل دخول الحرم، أو بعد الدخول في الحرم بدون إحرام, والظاهر اختصاص الحكم بحجة الإسلام, فلا يجري في الحج الواجب بالنذر أو الإفساد, بل لا يجري في العمرة المفردة أيضاً, فلا يحكم بالإجزاء في شيء من ذلك, ومن مات بعد الإحرام مع عدم استقرار الحج عليه, فإن كان موته بعد دخول الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجة الإسلام, وأما إذا كان قبل ذلك فالظاهر وجوب القضاء عنه أيضاً.